بغداد- واع- آمنة السلامي
ظواهر اجتماعية رافقت الواقع العراقي في السنوات الأخيرة، إلا أن ظاهرة عقوق الوالدين وتعنيفهم من قبل الأبناء تعد الأخطر على المجتمع، لأنها لا تخالف الشرع والدين فحسب، وإنما هي بداية للتفكك الأسري وتمزيق النسيج الاجتماعي، ففي الوقت الذي سجلت فيه دور الرعاية حالات عديدة من وضع الأبناء لذويهم فيها فإن الشرطة المتجمعية سجلت عدداً من حالات الاعتداء من الأبناء على آبائهم.
وفي هذا الصدد قال مدير الشرطة المجتمعية العميد غالب العطية لوكالة الأنباء العراقية (واع): إن "حالات اعتداء الأبناء على الآباء زادت في الآونة الأخيرة، وتعود أسبابها الى التفكك الأسري وضعف الجانب الاقتصادي، فضلاً عن مواقع التواصل الاجتماعي وتأثيرها السلبي في هذا الشأن، حيث سجلت الشرطة المجتمعية عدداً من حالات اعتداء الأبناء على الآباء بمختلف أنواع العنف".
وأوضح أن "مفارز الشرطة المجتمعية رصدت حالات لأبناء اودعوا آباءهم وأمهاتهم في دور المسنين أو تركهم في المستشفيات من دون مراجعة وزيارة، الى جانب المفارز الميدانية للشرطة المجتمعية التي باشرت بالقيام بإلقاء محاضرات على الشباب في المنتديات والمنصات للتوعية بأهمية احترام الوالدين ومساندتهم بغية التقليل من الزيادة الملحوظة بحالات الاعتداء على الآباء".
في غضون ذلك أفاد مدير سجن الأحداث ولي الخفاجي لوكالة الأنباء العراقية (واع) بأن "الجريمة بشكل عام هي دائما تتمحور وفق العوامل النفسية والعوامل الاجتماعية والاقتصادية وهذا بشكل عام ولكن هناك جرائم ما تسمى بالجرائم الخاصة ومن ضمنها قتل الأب والأم والأخ والعم والتي تعد من الجرائم البشعة التي لا يمكن تصنيفها كظاهرة اجتماعية"، مشيراً الى أن "هذه الحالات تتكرر دائما وباستمرار ودائما ما يقوم بهذا الفعل المراهقين دون سن الـ 18 سنة وأغلب الأحيان يكونون اندفاعيين أكثر من بقية الفئات العمرية".
وأضاف أن "سجن الأحداث فيه مثل هكذا حالات كقتل الجد وقتل الأم وقتل الأب ومعظم هذه الحالات ترتبط بعوامل نفسية بالإضافة الى عامل الطمع والأمور المادية وخاصة ما يتعلق بقضية الإرث، وهناك أيضاً جرائم قتل دوافعها الشرف"، مبيناً أن "الابتعاد عن الدين وتأثيرات مواقع التواصل الاجتماعي وغياب التثقيف الاجتماعي كلها أسهمت بشكل كبير بحدوث مثل هكذا حالات نشاز".
ونوه الخفاجي الى أنه "بالاضافة الى قتل الأصول فهناك ما يسمى بجرائم العوائل التي تتعلق بجرائم السرقة مثل قيام أحد الأبناء بالاتفاق مع بعض الأشخاص لسرقة بيتهم أو سرقة سيارة والده لدوافع الطمع".
بدوره صرح خبير حقوق الانسان زيدان خلف العطواني لوكالة الأنباء العراقية (واع) أن "حالات الاعتداء على الآباء بدأت بالتزايد في المجتمع العراقي، ولا بد من إضافة مادة وتحديد عقوبة لمن يعتدي على والديه، لاسيما أن الابتعاد عن القيم الدينية والقانونية، بالإضافة الى عدم نشر الثقافة وراء انتشار وازدياد حالات الاعتداء"، مبيناً أن "العراق يفتقد الى قانون العنف الأسري، ومنذ عام 2017 وحتى الآن هناك محاولات لإقرار القانون وتأخيره نتيجة الاعتراض على بعض الفقرات الخاصة بهذا القانون".
وتابع أن "حالات الاعتداء في المجتمع تنوعت واعتداء الزوج على الزوجة هو الأكثر انتشاراً"، مشيراً الى أن "هناك حالات اعتداء غير مسجلة نتيجة العادات والتقاليد والموروثات وبالرغم من ذلك فإن الأعداد المسجلة تنذر بخطر انتشار الحالات بالمجتمع".
وأوضح العطواني أن "الضغط على مجلس النواب المقبل لإبرام قانون العنف الأسري، من بين الإجراءات للحد من انتشار حالات الاعتداء".
من جانبه قال الخبير القانوني علي التميمي، لوكالة الأنباء العراقية (واع) إن"المادة 29 من الدستور تشير الى وجوب رعاية الأبناء للآباء والاهتمام بهم عند الكبر، ويشدد قانون العقوبات العراقي في الاعتداء حيث ترتفع العقوبة عند الاعتداء على الآباء في المواد 410 والمادة 416 إذا كان الضرر نفسياً أو أدبياً على من توجب عليه الرعاية والاهتمام"، مؤكداً "أهمية أن يحتوي مشروع العنف الأسري على مادة تعاقب بشكل صريح على الاعتداء على الأبوين كما هو الحال في مصر، حيث فرضت عقوبة الحبس 3 سنوات لمن يعتدي على والديه".
الباحث الاسلامي والاكاديمي حسين المجاب أشار الى وكالة الأنباء العراقية (واع) أن: "عقوق الوالدين يشكل حالات فردية ولم ترتق لمستوى الظاهرة وهي موجودة في كل زمان، وأن قضية عقوق الوالدين من القضايا التي جعلت الشارع المقدس له أحكام خاصة وأعدها كبيرة من الكبائر ولها حكم شرعي ولم تصل الى مرحلة من المراحل التي تشكل ظاهرة في الواقع الاجتماعي لا سيما العراقي أو الاسلامي بصورة عامة والحقيقة النصوص الشرعية والقرآن الكريم هدفهم واحد في تنضيج عقول أبنائنا وجعلهم مهذبين ومتأدبين ومتخلقين من خلال بر الوالدين وتجنب عقوقهم".