سرور العلي
تتفاقم ظاهرة زواج القاصرات يوماً بعد يوم، من دون إيجاد الحلول الناجعة، وآخر ما تداولته وسائل الإعلام هو استغاثة والدة إحدى الفتيات، بسبب إجبار ابنتها على الزواج، وهي ما زالت في سن صغيرة، إذ لم تتجاوز الثانية عشرة، مما تحولت إلى قضية رأي عام أججت الغضب، وسارع عدد من الناشطين والمهتمين بحقوق الإنسان، للمطالبة بوقف هذه الجريمة بحق الطفلة وإنقاذها.
وكثيرة هي الأسباب التي تؤدي إلى الزواج المبكر، كالفقر المدقع الذي تعيشه معظم الأسر، والبطالة والحرمان، والتدهور الاقتصادي والإزمات المتعاقبة، ما يدفعها لهكذا زيجة، للتخلص من بعض الأعباء، وحرمان الفتاة من أكمال تعليمها، وغياب القوانين وضعفها، وزيادة الزواج خارج المحاكم، لا سيما أن هناك من يؤمن بقوة الأعراف والتقاليد، بدلاً من القانون والمؤسسة الحكومية، كما أن المجتمعات التي تكثر بها المضايقات والتحرش، والاعتداء يدفع بأسر الفتيات إلى تزويجهن بوقت مبكر.
ولتلك الظاهرة آثارها السلبية، كون القاصرات سيتحملن مسؤولية كبيرة في وقت مبكر، وتقع أعباء كثيرة على كاهل الآباء الصغار، وضغوط اقتصادية، وتعاني الفتاة التي تتزوج مبكراً من عزلة وانطواء بعيداً عن أقرانها وأسرتها، وتحرم من التعليم وضياع فرص التوظيف، وتكثر المشكلات الزوجية، والانفصال الذي يحدث بين الزوجين لعدم استعدادهما لبناء أسرة، وانتشار العنف الأسري، وعدم تحقيق الاستقرار المادي والاجتماعي.
كما أن العديد من الفتيات لا يحصلن على الرعاية الطبية والصحية أثناء الحمل، ويصابن بأمراض وفيروسات مختلفة، وقد يتعرضن لمخاطر الإجهاض، لأن أجسادهن غير مؤهلة للولادة، ويعانن من فقر الدم والضغط وتسمم الحمل، إضافة إلى أن الأم القاصر تصاب باكتئاب ما بعد الولادة، فتشعر بالحزن والتوتر والقلق، وصعوبات في النوم، وتناول الطعام، وتدهور علاقتها مع رضيعها.
ولتلافي تلك الظاهرة الخطيرة على المجتمع، علينا نشر الوعي من خلال تثقيف الفتيات، وتوعيتهن بمخاطر الزواج في سن مبكر، وتذكيرهن بحقوقهن، كحق التعليم، وحق اختيار الشريك المناسب من دون التعرض لضغوطات، وسن القوانين الرادعة التي تحد من هذا الزواج، وتوفير لهن فرص عمل جيدة، وعقد ندوات للتعريف بعواقب زواج القاصرات.