د. عبد الواحد مشعل
يجري الزمن، والحال هو لا يكاد ينتج حلاً لقضية التنمية في البلاد التي طال انتظارها بشموليتها، البشرية والإسكانية وإصلاح وتوسيع طرق لا تكاد تستوعب سيارات ملأت البلاد طولا عرضا، ومترو ينتظره العراقيون منذ عقود، دون تراه أجيال مضت وأخرى تتأمل، في الوقت الذي أصبحت فيه وسائط النقل التقليدي من الماضي بحساب إبداعات المعرفة العلمية وتطبيقاتها، حتى بدأنا نسمع أن هناك وسائط نقل ضمن أنبوب طويل ينقلك من مكان إلى آخر بسرعة البرق، في دول لا يقل العراق عنها غنى وربما أغنى منها بكثير، اذا حسبنا احتياطي النفط، ومواقع الغاز، وإمكانيات الزراعة والسياحة التي لم تستثمر بالشكل المناسب بعد.
وعليه تقع على الدولة مسؤولية الشروع بتنمية شاملة تحقق لهذا الإنسان فرص الاستفادة من إبداعات المعرفة المعاصرة، والتعامل مع الحياة على أساس الملموس من الإنجاز على الأرض، والانصراف عن الجدل الذي يدور في دائرة مفرغة، والذي لا يفضي الا الى نتائج عكسيَّة لأصل الجدل الذي يدفع الفكر إلى التقدم والإبداع، وهي مسألة تظهر بعيدة المنال في مجتمع تراجع فيه التعليم والصحة، وطغت في قاعه مشكلات معقدة، اذن لا بدَّ أن تكون البداية في تهيئة المناخ لتنمية قدرات الإنسان العراقي الإبداعية، وتركيز أنظاره الى مستقبله بعقلانية وواقعية، بعيدا عن دائرة الجدل البيزنطي، وإنقاذه من الوقوع في دائرة فكرة جدلية قديمة مفادها، هل البيضة من الدجاجة أم الدجاجة من البيضة، وهل الإنسان مخير ام مسير، وهو جدل ثار عليه مؤسس علم الاجتماع عبد الرحمن بن خلدون والذي نفض عن كاهل المجتمع آنذاك أفكار تدور في حلقة مفرغة.
وعليه لا بدّ من التفكير جديا في الشروع بخطوات في أولها ضرورة اعتماد التخطيط العلمي للتنمية، والتشجيع على المعرفة وبناء نظام تربوي وتعليمي ينقذ أجيالنا من التأخر وخطر الأمية، الذي انتشر في المجتمع وبخاصة بين أوساط الأطفال المتسربين من المدارس بتشجيع من أسرهم، التي توظفهم بأعمال لا تليق بالطفولة مثل الورش أو تركهم يمارسون التسول أو البيع في الشوارع، وثانيها، إجراء التعداد العام للسكان من أجل بناء قاعدة بيانات عن مجالات الحياة كافة في البلاد، وثالثها وضع خطة متكاملة للتنمية في العراق، رابعها وهو الأهم ضرورة توفر الإرادة السياسية الصلبة لتنفيذ كل ذلك من اجل تحقيق التحول الحضاري، وحل مشكلات الانسان العراقي.