إياد مهدي عباس
أصبح من الأهمية بمكان أن تكون لدى الحكومة العراقية القادمة، وكذلك الأحزاب السياسية الفاعلة على الساحة العراقية رؤية جادة وموقف موحد حول مستقبل العراق الأروائي وما يتعرض له بلدنا من مخاطر وتحديات جسيمة، بسبب العجز الكبير في الموارد المائية وتأثير ذلك في مستقبل العراق
المنظور.
وبناءً على معطيات الواقع الحالي أصبح من المؤكد دخول العراق في أزمة مائية كبيرة وخطيرة تهدد أمنه الغذائي ومكانته الاقليمية، وذلك بسبب انخفاض معدلات سقوط الأمطار للعام الحالي والأعوام الماضية مع تراجع كبير في كمية الموارد المائية الداخلة للعراق، خصوصاً بعد انخفاض مناسيب نهري دجلة والفرات نتيجة تحكم دول الجوار بحصة العراق المائية، اضافة الى دخول البلاد في دورة التغيّرات المناخية التي تسببت في ارتفاع درجات الحرارة وقلة سقوط الامطار، مع زيادة كبيرة في التبخر ما أسهم ذلك بشكل كبير في ارتفاع ملوحة التربة وانتشار ظاهرة التصحر على نطاق واسع، حيث تشير الاحصائيات الرسمية الى أن نسبة التصحر بلغت نحو 69 % من مساحة العراق الزراعية، ما جعل العراق يحتل مرتبة متقدمة في قائمة الدول الاكثر تضرراً جرّاء التغيرات المناخية الحاصلة.
وما زاد من حدة الازمة وآثارها في العراق هي السياسات المائية المجحفة المتبعة من قبل دول الجوار وقيامها بانشاء السدود على منابع نهري دجلة والفرات وبعض الانهار، التي تغذي الاراضي العراقية ما أدى ذلك الى تقليل حصة العراق المائية المقررة حسب اتفاقية تقسيم المياه مع دول المنبع، وبذلك يصبح العراق الخاسر الأكبر في المعادلة المائية
الاقليمية.
ولكي نكون اكثر انصافا علينا ألا نحمل دول الجوار فقط مسؤولية تدهور قطاع الموارد المائية في العراق، لأنها في النهاية هي دول ذات سيادة على أرضها ولها الحق في المحافظة على أمنها الغذائي ولديها خططها المائية الخاصة بها، بل تقع المسؤولية ايضا على الحكومات العراقية المتعاقبة التي أهملت قطاع الموارد المائية وانشغلت بالمناكفات السياسية والصراعات الحزبية، وتجاهلت الحلول اللازمة لمعالجة هذه الازمة ومحاولة التخفيف عن كاهل المواطن العراقي.
ان استمرار نقص الموارد المائية سوف يعرض العراق الى مشكلات كبيرة ليس على مستوى القطاع الزراعي والثروة الحيوانية فقط، بل يتعدى ذلك الى تناقص امدادات المياه الصالحة للشرب لذا يقع على عاتق الحكومة والبرلمان القادمين مسؤولية وطنية وتاريخية تتمثل في اتخاذ خطوات جادة باتجاه تعزيز حماية موارد العراق المائية داخلياً وخارجياً والحفاظ عليها من الهدر والضياع، لأنها ملك للشعب وعليها يتوقف
مصير البلد.