سعد العبيدي
سألت أنديرا غاندي والدها جواهر لال نهرو أوائل القرن الماضي سؤالاً ذكياً، ماذا يحدث في الحرب فأجاب إجابة أذكى، سينهار التعليم والاقتصاد، وعاودت السؤال وماذا سيحدث إذا انهار التعليم والاقتصاد، أجابها ببساطة ستنهار الاخلاق. والى هذا الحد لم تتوقف انديرا عن الاستمرار في التفتيش عن الأثر، وسألت وماذا سيحدث لو انهارت الأخلاق، ختم الزعيم الهندي اجابته بحكمة: وما الذي يبقيك في بلد انهارت
اخلاقه.
إجابة شافية لكثير من المعاضل التي حصلت في عديد من البلدان بينها العراق، فحروبه التي بدأت من سني الثمانينيات وما بعدها غيرت الكثير من معالم العيش وأعاقت نمو البلاد وكونت قيماً ومعايير للعيش، لم تكن موجودة في الأصل، وأسهم ناتج تدحرج الأثر الى تغيير الأخلاق، تغيراً يفسر هذا التهافت المستمر بين العراقيين لترك البلاد والهجرة الى مجتمعات أخرى يعتقدون أنها مكان للأخلاق.
آلاف منهم يتواجدون في هذا الطقس البارد على حدود بولندا ساعين عبورها بغية النفاذ الى أوروبا، مساع لم تتوقف تدفع الى السؤال: لم هذا التدافع في ترك البلاد، وفيها من مقومات العيش رفاهاً ما يفوق جميع البلدان
القريبة.
ان الاجابة على هذا السؤال تعيدنا الى إجابات نهرو وحكمته، فصرح العلم الذي هدمته الحروب دفع الآلاف صوب لبنان الأقل التزاماً من باقي الدول في التحكم بمخارج العلم ومنح الشهادات، اشتروا منها في كل الاختصاصات، مرروها اعترافاً وتعادلاً، وتسلم كثير من أصحابها مناصب وحصلوا على ترقيات، فأسهموا بجهلهم وتزويرهم في إعاقة خطوات البناء، بل وفي هدم عديد من الأسس التي كانت موجودة بينها
الأخلاق.
وختاماً للموضوع يمكن القول ان إجراءات التعليم العالي الأخيرة في إيقاف التعامل مع ثلاث جامعات لبنانية، تمنح الشهادات بالجملة ودون اعتبارات مهمة لإيقاف التدهور في الأخلاق مهمة جداً، تحتاج الى خطوات أخرى للتدقيق في جميع الشهادات المستوردة سبيلا لتقويم
الأخلاق.