د. كريم شغيدل
عندما يسجد القاتل سجدة الشكر لله بعد النطق بحكم الإعدام؟ ما الرسالة التي يريد إيصالها؟ أيحسب نفسه أنه نال الشهادة؟ وسيحشر مع الأنبياء والشهداء والصديقين والأولياء؟ أيشعر حقاً بالزهو ويعتريه إحساس بالنصر؟ ألم يساوره الشك بعقيدته التي يعتقد أنه دافع عنها وحماها بقتل الآخرين الأبرياء؟ من خوله قتل الأبرياء ومصادرة حقهم في الحياة، آدم (ع) عصى ربه وتاب عليه، ونوح (ع) ولده عصى ولم يقتله، وآزر والد النبي إبراهيم كان وثنياً، وعم النبي محمد (ص) كان مشركاً ولم يبح قتله، فمن أين جئتم بعقيدة القتل هذه؟ أين تضعون قوله تعالى في سورة المائدة(32) (..مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا).
ما الفرق بين قاتل الإعلاميين والناشطين أحمد عبد الصمد وصفاء غالي وبين الدواعش وشبيهاتها من فصائل التكفير والقتل؟ وأية فتوى تلك التي صدرت بحقهما من الخارج؟ أي متشرع ذاك الذي يفتي بقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق؟ المصيبة أنه ينتمي للأجهزة الأمنية التي يفترض أنها حامية للمواطن، وقد خان الأمانة شرعاً وقانوناً، وأصبح كل المال الذي حصل عليه جراء عمله
حراماً.
القاتل هو مجرد أداة عمياء، سواء كان دوغمائياً متشدداً لعقيدته أم مغرراً به أو مدفوعاً له الثمن، ومن الأهمية بمكان أن نسأل عن الجهة التي تقف وراءه، ومرجعتيه التي نفذ فتواها كما يدعي، والجهة المخططة والممولة والمحرضة، فقد يكون القاتل حمزة كاظم ضحية الجهل والتعصب والإغواء وعمليات غسل الدماغ التي عادة يخضع لها عناصر الجماعات الأصولية المتشددة، وهذا طبعاً لا يسقط عنه الجرم الذي اقترفه.
مما لا شك فيه أن التحقيقات مع المجرم قد أمسكت ببعض الخيوط الدالة على مرجعيته، سواء أكانت حزباً أم جماعة، فهو لم يقتل بدافع هوى النفس أو الصدفة أو التنمر أو لأي غرض شخصي، بل هو قتل منظم تنفيذاً لفتوى، أي بدافع عقائدي، وواقعاً ليس هناك تصريح بالقتل من قبل جميع المذاهب الإسلامية، باستثناء تلك الجماعات التكفيرية التي تستمد عقائدها من الفتاوى الشاذة واقتطاع النصوص الدينية من سياقاتها التاريخية، فمن هو القاتل
الحقيقي؟.