حميد طارش
منذ ما يقرب من عامين ومسار التغيير السوداني يراوح في مكانه دون بوصلة حقيقية باتجاه مطالب الشعب بالخلاص أو الحد من معاناته، المتمثلة بالفقر والبطالة وغياب الخدمات والتنمية، بل انشغل الساسة بصراعاتهم بعيداً عن هموم الناس وخلقوا مكونات، وهذا يعطينا صورة في العراق بأن المكونات صناعة سياسية، وقد بنى الساسة بحسب طبيعة الحكم في السودان مكوناتهم على المكون العسكري والمكون المدني، وأدى الصراع المذكور الى محاولة انقلابية فاشلة قبل أسابيع، كما هو الحال في الانقلابات العسكرية في الدول العربية، التي تجد مبرراتها في الفوضى العارمة وشيوع الاحباط المجتمعي، وهذه المبررات نفسها، دفعت البعض من الفئات الشعبية السودانية الى مساندة {المكون العسكري} ومطالبته بانهاء حكم {المكون المدني}، المتمثل بتشكيل مجلس الوزراء ورئاسته، أضف الى ذلك، غلق ميناء بورتسودان، من قبل المواطنين المتظاهرين في شرق السودان، الذي يعد من الموانئ الرئيسة في السودان وأحد منافذه المهمة لاستيراد السلع الاساسية للشعب السوداني، حيث صرح رئيس وزراء السودان المعزول عبدالله حمدوك بأن الادوية في البلاد على وشك النفاذ بسبب غلق الميناء المذكور، لكن يحاول الساسة مجتهدين باعطاء تبريرات سياسية لموضوع الاغلاق، الّا أن المشكلة تجد أساسها في حرمان الاشخاص من حقوقهم في العيش الكريم بسبب استشراء الفساد والفوضى السياسية.
وهكذا أصبحت تلك المشكل مبررات لانقلاب جديد أطاح بممثلي {المكون المدني} وتشير الانباء الاولية الى اعتقال بعضهم وهم حفاة وبملابس النوم! من قبل اشخاص ملثمين اقتادوهم الى جهات مجهولة لتعيد الى الاذهان السلوك الدكتاتوري، الذي اعتادته الشعوب العربية... لم ولن تكون الانقلابات العسكرية في يوم من الايام حلاً وانما مزيد من الاضطهاد والحرمان ولعلنا في العراق كان لنا النصيب الاكبر والاسوأ من الانقلابات العسكرية... لكن شهادة للتاريخ الاستثناء الوحيد لتلك الانقلابات حدث في السودان من قبل سوار الذهب، فكان بحق سوار من ذهب عندما أطاح بالفوضى وسلم الحكم للساسة لكنهم لم يحسنوا التصرف الذي أضحى مبرراً لانقلاب عمر البشير.
اذن المشكلة تكمن في الفشل السياسي الذي تترتب عليه نتائج وخيمة تتعلق بحياة الناس وأرزاقهم فيبرر للانقلاب الذي يزيد الامر سوءاً.