علي حسن الفواز
البحث عن حلول متوازنة وواقعيَّة للمشهد العراقي يتطلب "هدوءا سياسيا" يكفل المختلف والمتعدد في حوار الفرقاء، إذ بخلاف هذا "الهدوء" سنذهب إلى الصخب، والشك، وإلى حلول من الصعب الاطمئنان إلى نتائجها.
لقد بات من اللازم مواجهة الواقع، وعدم تضخيم المشكلات، وتحويل الآخر إلى "خصم عنيد" وبما يمنح تلك الحلول فرصا حقيقية، حتى تنعكس على اضاءة الطريق إلى المكاشفة والصراحة والتوافق، لاسيما أنَّ خيار الديمقراطية يتحمل كثيرا من مثل هذه المعطيات، وأنَّ أي نجاح حقيقي سيكون في صالح الجميع، فرغم أنَّ السياسة مجال تنافسي، فهي ايضا مجال تشاركي، و"بديل ذهبي" عن العنف والاستبداد، وهذا ما نأمله في التعاطي مع واقع مابعد الانتخابات، عبر اللجوء إلى القانون ليكون هو الفيصل الدستوري والاخلاقي والوطني في حسم الطعون والاعتراضات، وفي تأطير خيار "الهدوء الوطني" لضمان النزاهة، والشفافية، ولابراز الاعتراض بوصفه حقاً دستورياً.
الحديث عن التفاهمات والتحالفات من ابرز الايجابيات التي نسمع تداولها اليوم، ونحرص على أن تكون خيارا فاعلا للجميع، إذ ستفتح هذه التفاهمات مجالا لصياغة عقد سياسي جديد، يثق بالديمقراطية وبالدولة، مثلما يحفظ مشروعية السلم الأهلي، ويعزز مسار التداول العقلاني للسلطة، والعمل معا على حماية "النظام السياسي" والذهاب إلى تشكيل المؤسسات البرلمانية والرئاسية والحكومية بـ"هدوء" حتى وإن شابه الجدال، وهو امر ليس غريبا عن الديمقراطيات في العالم. فبقطع النظر عن ضعف المشاركة في الانتخابات، والمقاطعة الجماهيرية التي اعلنت موقفا من ظواهر الانسداد السياسي، فإن الامر لا يعني تيئيسا او احباطا، فديمقراطية ناشئة مثل العراق، مع تغول مظاهر كبيرة للفساد والترهل والعجز، وسوء ادارة للواقع السياسي قد تدفع الكثيرين إلى المجاهرة بتلك المواقف، وهو حق مشروع لهم، لكن هذا لايعني الركون إلى العطالة، والى الذهاب نحو خيارات صعبة، بقدر ما ينبغي أن يكون حافزا للعمل، والتعلم، ولتجاوز العقد ولمعالجة الاخفاقات والازمات التي تحدث هنا او هناك، وبالاتجاه الذي يضمن عدم تكرارها، فضلا عن ضمان البحث عن سبل لتطويرها وتحسين ادائها، وعلى وفق تبني برامج سياسية ومشاريع وطنية تسهم في خلق بيئة سياسية ناضجة، ووعي ديمقراطي يتنامى ويتطور عبر مؤسسات فاعلة، ومشاركة يمكنها أن تحاسب وتراقب وتنقد، لكي يدرك المرشح للمسؤولية البرلمانية أنَّ اختياره ليس للمباهاة، ولتزجية الوقت ولتكرار الافساد، بل هي مسؤولية للتحوّل والاصلاح والعمل والحماية من اجل مصالح وحقوق الجميع.