بشير خزعل
لا يمكن إعـطـاء أرقــام دقيقة عـن حجم الأمـوال المـهـربـة فـي زمـن الـنـظـام الـسـابـق أو الـحـالـي ، لكن تـقـديـرات شـبـه رسـمـيـة بينت ان اجمالي الامــوال المغتربة للعراقيين تشير إلـى نحو 150 مـلـيـار دولار فــي مـحـفـظـة مـالـيـة مـتـنـوعـة بـين الأجنبية والمستثمرة، ورغم المحاولات الخجولة التي دعت الى ملاحقة سراق المال العام ممن هربوا اموالا طائلة الى خارج البلاد من خلال استغلالهم لمواقع وظيفية مختلفة في المؤسسات الحكومية بعد العام 2003، لم ينجح اي مسعى من تلك المحاولات التي ظلت في حدود التداول الاعلامي، فالمشكلة ليست من السهولة في بعض جوانبها الفنية والقانونية وتحتاج الى تنسيق عالي المستوى ما بين الحكومة العراقية وباقي الدول التي تختزن فيها تلك الاموال، في العام 2020 اصدر مجلس الوزراء العرب دراسة عن كيفية استرداد الاموال العراقية المنهوبة عن طريق الاجراءات والوسائل المتاحة، وفي منتصف شهر أيلول الماضي عقد في بغداد مؤتمر "اسـتـرداد الأمــوال المنهوبة" بـالـتـعـاون مـع مجلس وزراء العدل العرب التابع لجامعة الدول العربية، ولايخفى وجود رغبة لدى الجميع في ترجمة هذه الدراسة الى عمل حقيقي، يحـاكي الـتـجـارب الـعـربـيـة والـدولـيـة فـي مـحـاربـة الـفـسـاد واســتــراد الأمــوال المنهوبة والاستفادة منها في اعادة اعمار العراق، حتما ان المؤتمر يـهـدف الــى تنفيذ برنامج عمل للبحوث القانونية والـقـضـائـيـة وبــقــرار مــن مـجـلـس وزراء العدل العرب، الذي يسعى الى تحقيق الأهداف الفرعية بعرض أوراق علمية لتجارب وممارسات الدول فــي اســتــرداد الأمـــوال المغتربة والمـنـهـوبـة بـالـفـسـاد، من خلال الخروج بتوصيات تهـدف الى تفعيل بـروتـوكـولات التعاون العربي لاسترداد تلك الاموال، هروب رؤوس الأموال قضية يصعب تقديرها وتحتاج الى كيان قانوني متكامل من خلال إقامة دعـاوى في المحاكم العراقية ونقلها الـى المحاكم الأجنبية وفقا للقانون الدولي، ولاجل إغــلاق تـلـك الأبـــواب المـدمـرة للاقتصاد الـوطـنـي، وبـالـرغـم مـن كلفتها العالية مـاديـا، لا بد من مواصلة الطريق بـإقـامـة الـدعـاوى من اجل قطع دابــر الجريمة والاعــتــداء على المــال الــعــام لمــلاحقة عمليات تهريب الاموال وإعـادتها الى العراق بشكل قانوني. اما الحديث عن اعادة الاموال المغتربة كإيداعات ومدخرات فـي أســواق البلدان المختلفة، فهي بحاجة الى تشريعات قوية تستهدف شـريـحـة رأس المــال المـغـتـرب وتـحـظـى بـالـرعـايـة الخاصة من الحكومة العراقية، ومن دون أي قيود تفرضها الدولة، من خلال فتح نوافذ إيداع وادخار، خصوصا وان عدد المغتربين من أصول عراقية في الخارج يقدر بقرابة 10 ملايين شخص.