عباس الصباغ
يجاهر البعض من المتشائمين والسوداويين بفكرة عدم الانخراط في الماراثون الانتخابي ويرفضون المشاركة الفاعلة فيها رفضا قاطعا بحجة صارت بالية ولم تعد مقنعة بالمرة، لأنها ـ حسب رايهم غير الناضج ـ «خربانة» ولاطائل من اقامتها، والخوض فيها هو اضاعة للجهود والاموال وانّها ستكون نسخة مكررة عن الانتخابات السابقة، فلا امل يُرتجى منها ولأنها ستُجرى في ذات النهج المحبط والمثبّط الذي تمأسست عليه العملية السياسية الجارية اي على النهج التحاصصي التوافقي سيئ الصيت والفاشل، الذي جذّر قواعد الفساد الذي ابتليت به اكثر مفاصل الدولة العراقية والذي سبّب القصور في المجالات كافة خاصة الخدماتية والمعيشية، فالنكوص عن الانتخابات هو الحل، وهي دعوة باطلة تشي عن جهل في التفكير وخلل في السلوك، ونسي هؤلاء ان المشاركة في الانتخابات هي ليست واجبا وطنيا يتحتم على كل مواطن يريد لوطنه الازدهار والتقدم فحسب، وانما هي ستكون خارطة الطريق والفرصة الاخيرة للتغيير المنشود واعادة التأسيس الديمقراطي للعراق وعلى اسس وطنية، ولا يتحقق التغيير الذي يجعل العراق في مصاف الدول المزدهر والناجحة الاّ بالمشاركة الفعلية والفعّالة في الانتخابات المرتقبة مع الاختيار الصحيح والدقيق للأفضل، ممن يطرح برنامجه الانتخابي المقنع وطنيا وتكون الطريقة المثلى نحو ازالة جميع السلبيات والاخطاء، التي رافقت العملية السياسية منذ تأسيسها وحتى الان والذي سيضمن تحقيق الحد الادنى من ذلك، وان كانت الانتخابات لن تكون العصا السحرية لإزالة السوداوية التي رافقت المآلات التي تمخضت عنها الانتخابات السابقة، وخيبات الامل التي صاحبتها لأنها لم تكن بمستوى الطموح الشعبي المقنع للناخبين، ورغم هذا فالامل بقي منوطا في نفوس الرامين الى التغيير الدولتي الصحيح والمنشود، وهذا لن يتأتى بالنكوص والتقهقر الى الوراء والبكاء على الاطلال، لأن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة واحدة، واولى الخطوات هي المشاركة الفاعلة في الانتخابات لمعالجة جميع اخطاء وخطايا فشل التأسيس الدولتي وسلبيات الاداء الحكومي لأغلب الكتل السياسية والذي سبّب الكثير من المعاناة للمواطن العراقي المتخم بها .
السوداوية والتشاؤمية والنكوصية لا تسهم في التقدّم خطوة واحدة نحو مستقبل آمن، صحيح ان المواطن جرّب حظه لأربعة انتخابات برلمانية سابقة لم تكن في مستوى قناعاته، ولكن هذا لا يمنع من خوضها بمشاركة فعالة مع حسن اختيار الافضل وعدم انخداعه بالبهرجة الشعاراتية والتزييف الدعائي والطرح الرومانسي البعيد عن الواقع المطلوب تغييره بأصوات الناخبين الفاعلين في عرسهم الانتخابي في 10 /10 المقبل وليس النكوصيين.