صالح لفتة
بعد سقوط النظام السابق في البداية تغاضى الناس كثيراً عن عدم إدراج الشباب في العملية السياسية، بسبب قانون الانتخابات في حينه ولاعتقادهم أن كبار السن الذين تسنموا مقاليد الحكم أقدر على قيادة البلد بحكم خبرتهم الطويلة في العمل السياسي وتجاربهم التي عاشوها في دول متطورة يستطيعون من خلالها تغيير الكثير وحل المشكلات والمعوقات التي أخرت التقدم والازدهار في العراق.
كل ما ذكر وغيرها من الأسباب دفعت شباب الوطن لليأس من إصلاح أوضاع البلاد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية، عند طريق الانتخابات وعلى يد هؤلاء السياسيين وشعورهم بعدم وجود من يمثلهم ويهتم بقضاياهم ومشكلاتهم. فدفع بالكثير منهم لإعلان معارضته ومقاطعته علانية للعملية السياسية، وعدم مشاركته علناً في أي انتخابات وبدأت هذه الأصوات ترتفع وتزداد للأسف. وهذا الرفض نتيجة طبيعية للسياسات المتخبطة التي أوصلت البلاد لطريق مسدود، رغم أن فئة الشباب هي الأكثر حماسة للحرية والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة.
إن العاشر من تشرين الأول موعد إجراء الانتخابات أصبح حقيقة مؤكدة، والأحزاب السياسية والمرشحون يعدون عدتهم للحصول على أعلى الأصوات وهذا هو حقهم الطبيعي والدستوري.
وما يميز هذه الانتخابات وجود الكثير من المرشحين الشباب من شتى الاتجاهات والتيارات والأحزاب، وحتى مستقلين لديهم همة عالية للعمل والتغيير للأفضل، هؤلاء سيكونون خير ممثل لشباب الوطن، وستكون مشاركتهم عاملا إيجابيا ودافعا لزيادة أعداد المصوتين في الانتخابات، خصوصاً من فئة الشباب الذين يشكلون الأغلبية من السكان وتغير قناعات المقاطعين منهم، فليس من الصحيح ترك المرشحين الشباب دون دعم وإخلاء الساحة لمن لا يستحق الفوز للوصول إلى البرلمان، بينما من يمكنه أن يكون بذرة التغيير في المستقبل يترك من دون مساندة.
في الحقيقة أن حصول الشباب على فرصتهم بتمثيل أقرانهم يرجع بصورة كبيرة على قدرتهم على إقناع المقاطعين والمشككين، خصوصاً من قوى تشرين، التى ما زالت مترددة في قرار المشاركة من عدمه وكذلك تقع هذه المسؤولية على الشباب المتحمس للتغيير في أحوال البلد بالحث على المشاركة بكثافة في الانتخابات المقبلة وترك قرار المقاطعة الخاطئ. فالأمر ليس مجرد صوت يمكن إهماله بوجود ملايين غيره، بل يجب الاهتمام بهذا الصوت والتأكيد على انه لبنة من لبنات بناء الوطن لا يمكن تعويضها بسهولة.
إن الشباب أهم ثروات البلد وقادة المستقبل وقناعاتهم وقراراتهم ستؤثر في مستقبل الوطن، مهما اعتقدوا أنها بسيطة وغير محسوبة والطاقة التي يمتلكها الشباب هو ما نحتاجه في الفترة
المقبلة. ومن أجل إحداث تغيير في الحياة السياسية نحتاج إلى اختيار شباب يعطون أفضل ما لديهم لإصلاح مايمكن إصلاحه.