عبد الهادي مهودر
القضية التي هزت الرأي العام العراقي مؤخرا كشفت أن عبارة ( الاعتراف سيد الأدلة ) ليست حاسمة فهو ليس سيدها الأوحد ، وليس سيد الأدلة دائماً ومطلقاً ، وبعض القضاة لايأخذون بالإعتراف كدليل قاطع ويبذلون وقتاً وجهداً كبيرين للمطابقة والتأكد ولاينامون الليل خشية ارتكاب ظلم بحق انسان بريء ، وبعضهم ينام ملء جفونه عن شواردها ويسهر الخلق جراها ويختصمُ ، فالاعتراف قد يخفي جريمة اكبر واخطر او ينقذ المجرم الحقيقي او يتم بإتفاق مقابل ثمن ، وفي مجتمعنا المثقل بالصراعات والأعراف العشائرية هناك اعتراف الإبن الذي يفتدي أباه او أمه او زوجته اوشقيقته لأسباب متصلة بالتقاليد الاجتماعية ، وهناك اعتراف العاشق الولهان الذي يغيّر افادته ويعترف بارتكاب جريمة سرقة او قتل حتى لا يفضح سرّه ، او الاعتراف المعاكس بتعمد الإساءة لسمعة الآخرين فيدّعي المواعدة والعشق او للخلاص من جريمة قتل أخطر من تهمة انتهاك حرمة البيوت، وهناك انتزاع الاعتراف بالضغط والإكراه وهو الاسوأ لما يترتب عليه من ظلم وعواقب وخيمة على الفرد والمجتمع والعدالة ، وغير ذلك من عجائب ومصائب الاعترافات الكاذبة كفاكم الله شرها ، والمهم في القضية التي حدثت في محافظة بابل أن القاتل لم يقتل أحداً وبرأته زوجته قبل فوات الأوان وبعد انتزاع اعترافه وتصديق اقواله قضائيا ، في قصة غريبة من اروقة المحاكم العراقية كأنها فيلم هندي يعود الضحايا في نهايته الى الحياة ويبصر العميان من هول الصدمة ، تلك القصة التي اشتهرت اثر حفل براءة واستغاثة في العالم الافتراضي الذي اصبح اقصر الطرق لايصال مناشدات المظلومين والمرضى والمحكومين بلا دليل او بسيد الأدلة المفترى عليه، ولكن السؤال المحيّر في هذه القضية الجنائية البحتة هو : ما مصلحة المحقق في إجبار المتهم على الاعتراف بقتل زوجته ، والقضية ليست سياسية ولاتزعزع الأمن والاستقرار ولا تمس الأمن القومي ولاتعرقل الملاحة في المياه الدولية ؟! ..وكيف لايعترف المتهم بقتل زوجته واطفاله مع هذا النوع من المحققين الذين يعتقدون أن البريء متهم حتى تثبت ادانته؟!.
طقس العراق.. أمطار رعدية بدءاً من الغد
التخطيط تعلن عن الأسئلة الخاصة بالتعداد السكاني