الدولة ورهان استرداد الأموال المنهوبة

مقالات
  • 18-09-2021, 08:04
+A -A

علي حسن الفواز
 يظلّ حديث استرداد الأموال المنهوبة مثار جدل واسع بين أصحاب الشأن السياسي والاقتصادي، لأنه ملف معقد ومفتوح من جانب، فضلا عن كونه قرينا بتداخل اجراءات ذات مستويات متعددة، قانونية ودبلوماسية وسياسية، وحتى امنية من جانب آخر.

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
حسنا فعلت هيئة النزاهة الاتحادية وبدعم حكومي كبير لقيامها بعقد مؤتمرها الخاص عن استرداد الأموال المنهوبة، والحرص على مشاركة عربية ودولية، لإن اثارة الرأي العام حول هذا الأمر المهمل منذ ثمانية عشر عاما، يضع الجميع أمام مسؤوليات جسام، على مستوى العالم، وعلى مستوى مسؤوليات مجلس النواب ومجلس الوزراء المقبلين، وبالاتجاه الذي يجعل منه شأنا وطنيا، يخصّ حق الدولة باسترداد أموال الشعب المنهوبة، من قبل النظام السابق، أومن قبل اصحاب ملفات تهريب المال العام والفساد وتبييض الاموال.
إنَّ ما كُشف عنه خلال جلسات المؤتمر يثير الشجن حقا، ليس لأنه كشف عن ضعفٍ في السيطرة على ادارة ملف الثروة الوطنية، وتسهيل تهريبها حسب، بل لضعف الاجراءات الرقابية، وحتى ضعف الفاعلية الدبلوماسية، وكذلك ضعف التنسيق مع الشرطة الدولية/ الانتربول، فضلا عن سوء ادارة الملفات التي تخص الاتفاقيات الاقتصادية، وانجاز المشاريع، وضعف الرقابة عليها، واشكالات السيطرة المصرفية على الشأن المالي.
إزاء هذه التعقيدات، تبدو الحاجة إلى اجراءات فاعلة وحقيقية من الامور التي تتطلب جهدا استثنائيا، على مستوى معرفة أحجام تلك الأموال المهربة، والاليات التي تم التهريب من خلالها، ومن هي الجهات التي قامت بالتهريب، وعبر اي الحلقات الهشة؟، وتحديد الدول التي تواطأت مع المهربين والقبول بـ"الاموال السوداء" مقابل ذلك ينبغي استثمار البيئة القانونية الدولية على مستوى قرارات مجلس الأمن الخاص بتهريب الاموال وتبييضها، وكذلك على مستوى التنسيق مع الدول ذات العلاقة لغرض ايجاد اطر عملياتية وقانونية لاستردادها، وبقطع النظر عن سياسات بعض تلك الدول التي تتعاطى سياسيا مع الأموال التي تدخل نظامها المصرفي، فإن الأمر لا يعني السكوت عنه، بل إنَّ تأمين الوثائق القانونية، وتحديد التهم، والتنسيق مع شركات عالمية مختصة بهذا الشأن، فضلا عن توسيع الجهد الدبلوماسي العراقي، واعتماد مشاركة العراق في كثير من المعاهدات الدولية، ستكون عامل ضغط لايجاد بيئة مناسبة ومؤثرة وحتى رادعة، للتعاطي مع هذا الملف، وبما يعكس حقيقة استرداد العراق لواقعيته ولهويته ولهيبته، ليكون حديث استرداد الأموال والاثار المنهوبة صورة مقابلة للدولة العراقية الجديدة.