ريسان الخزعلي
لا يختلف التسلّط الاجتماعي عن سلطة الحكم الدكتاتوري، كونهما يشتركان في نتيجة ما يتركانه من أضرار بالغة في بنية واستقرار المجتمع، سياسياً واقتصاديا وثقافياً واجتماعياً ونفسيا.. الخ.
إنَّ سلطة الحكم الدكتاتوري في أي بلد، بالإمكان ازالتها عن طريق الانتفاضات والثورات، وفي شواهد التاريخ الكثير من الأمثلة، ومثل هذه الإزالة قد تكون سريعة أو تأخذ الوقت المناسب، وقد تنمحي الآثار السلبية بوقت لا يطول كثيرا. أما التسلّط الاجتماعي، فليس من السهل أن يُزال بسرعة كتلك السرعة في ازالة السلطة الدكتاتورية، كونه يمتلك بُعداً راسخا في التكوين الجمعي للمجتمع، وله من الأسباب والتراكم والتأثير ما يجعلهُ قريبا من الثوابت في الحياة الاجتماعية.
يحصل التسلّط الاجتماعي نتيجة أسباب متنوعة، أجملها علماء الاجتماع والنفس في أبحاثهم وكتبهم وموسوعاتهم على النحو الآتي:
1 العرفيّة: وهي الالتزام بالأعراف والتقاليد والقيم والعادات المتورثة التزاماً شديداً. 2 الخضوع السلطوي: أي عدم نقد أو انتقاد السلطة الأخلاقية للجماعة التي ينتمي إليها الفرد. 3 العداء السلطوي: أي فرض العقاب على الفرد الذي يتحدى السلطة والأعراف والتقاليد المجتمعية. 4 الضّدية الذاتية: وتعني الوقوف ضد الأفكار الشخصية والتصوّرية. 5 الخرافة والتصلّب: أي الاعتقاد بالعوامل الغامضة التي تقرر مصير الفرد والميل للتفكير بها بطريقة متصلبة وضيّقة. 6 التدمير: وهو الميل إلى الحاق الأذى بالفرد غير الملتزم بالعرفيّة. 7 الاسقاط: أي الاعتقاد بأنَّ العالم مليء بالأشياء المتوحشة والخطرة، التي يجب على الانسان أن يتحفّظ منها. 8 الجنس: المبالغة بضبط الدافع الجنسي والاعتقاد بأنَّ الجنس شيء خطير على المجتمع. 9 القوّة والشدّة: وهي طريقة متطرفة تقود إلى تقسيم الأفراد إلى حاكم ومحكوم، مُسيطِر وخاضع، ظالم ومظلوم، قوي وضعيف، مع التكيّف مع الفرد القوي أي الفرد الذي يحكم ويؤثر في المجتمع.
إنَّ هذه الأسباب قد أدرك الكثير من الشعوب أضرارها المجتمعية، وتم وضع الحلول- نتيجة البحث والدراسة – من خلال برامج تثقيفية أعدّها المختصون بعلمي الاجتماع والنفس، وتم تحقيق النجاح تلو النجاح في هذا المجال. من هنا، فإنَّ مجتمعنا بعد التحوّلات الحاصلة بعد عام 2003 وما نتج عنها من ظواهرالتسلّط المجتمعي بأنواعه، والتي لا يمكن وصفها بالايجابية، يوجب على الجميع الالتفات إليها ومعالجتها تدريجيّاً بالممكنات التثقيفيّة المتاحة.