د. محمد وليد صالح
إعادة بناء الدولة من الداخل تشمل على مقومات سلطة الدستور وتعددية سياسية ومجتمع واع مثقف مدني، عَلاقات دولية ومؤسسات إدارة أزمة، ومقابلها تكون اللادولة من عدم اعتراف الإنسان بالسلطة وغياب شرعيتها من طريق ضعف تطبيق القانون وعدم الفصل بين المصلحة العامة والخاصة، والاقتصاد الريعي وقلة فرص الاستثمار والفساد والبطالة، ما ينبئ بتوترات اجتماعية، فالعراق اصبح منطقة تلاقي المحاور في بيئته الإقليمية وذات دبلوماسية متعددة المسارات، لأن الدول تعد بيوت خشب في النظام العالمي الجديد ولا بد من تأمينها من خطر الحرائق. يأتي الحدث التأريخي الأبرز وهو مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة، الذي استضاف زعماء وقادة تسع دول إقليمية وصديقة، لا سيما الجمهورية الفرنسية وحضور الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والدول الخمس دائمة العضوية، ووزراء الخارجية والبعثات الدبلوماسية، لدعم العراق حكومة وشعبا وبحث التحديات والقضايا المشتركة وآفاقها المستقبلية، وتوحيد الجهود الدولية لتنعكس ايجاباً على استقرار المنطقة وأمنها، فضلاً عن الجهود الدبلوماسية العراقية الحثيثة، للوصول إلى أرضية من المشتركات وتعزيز الشراكات السياسية والاقتصادية والأمنية، وتبني الحوار وترسيخ التفاهمات المتبادلة، وسياسة التوازن والتعاون الإيجابي في عَلاقات العراق الخارجية، بهدف بناء مؤسسات الدولة وفقاً للآليات الدستورية واجراء الانتخابات النيابية الممثلة للشعب وبمراقبة دولية لضمان نزاهتها وشفافية عملية الاقتراع المرتقبة.
ان تعامل دول الاقليم مع التحديات المشتركة على اساس التعاون والمصالح المشتركة، على وفق مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام سيادتها الوطنية، وكذلك جهود العراق وتضحياته لتحقيق الانتصار في مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف بمساعدة التحالف الدولي والاصدقاء، ليؤشر الى ذلك تطور قدراته العسكرية والأمنية بالشكل الذي يسهم في تكريس أمن المنطقة وتعزيزه، والتعامل مع ملف النازحين وضمان العودة الطوعية الكريمة إلى مناطقهم.
وحضرت جهود الاصلاح الاقتصادي الحكومي لتوجيه رسائل ايجابية تشجع الاستثمار واعادة الاعمار لخلق فرص العمل في مختلف القطاعات، وكذلك التعاون في مواجهة جائحة فيروس كورونا ونقل التجارب الناجعة بشأن آليات التطعيم، والتغيير المناخي والاحتباس الحراري واستثمار الغاز في إنتاج الطاقة البديلة.
من أجل ستراتيجية للشراكة المثمرة تعمل على تصفير الأزمات مع محيط العراق، ومد جسور الثقة والتواصل والتعاون والتكامل الشامل لتحقيق المصالح المشتركة الكبرى، فضلاً عن خطاب سياسي معتدل، عبر مؤسسات المعرفة المنتجة والهوية الوطنية ومنهجية الإدارة والتحوّل من معايير السلطة إلى سلطة المعايير، لأن الدولة الناهضة والفعّالة تعشق بناء المستقبل واستدامته.