حمزة مصطفى
طوال السنوات الثماني عشرة الماضية، كان يؤخذ على العراق العزلة التي فرضها على نفسه مرة، وفرضت عليه مرة
أخرى.
وقيل بهذا الصدد كلام كثير عن أسباب العزلة. هل هي مسؤولية العراق أم إشكالية الآخرين حيال العراق الجديد. ايا كان السبب فإن قمة بغداد والتي حملت عنوان «مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة» لم تفك عزلة العراق فقط، بل جعلته رأسا وعلى الفور ومن دون مقدمات أن يكون الدولة القادرة على جمع عازليها ومعزوليها على مائدة حوار واحدة وفي بغداد العاصمة التي تغزل بها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وقرأ من على منبر قمتها كلمته باللغة العربية خارقا بذلك بروتوكولا تحرص عليه الدول وبالذات إيران التي تعتز كثيرا بلغتها
وقوميتها.
وعلى ذكر بن مكتوم وابن اللهيان فإن مفارقات القمة هو ما بدا انه خرق بروتوكولي كان بطله الوزير الإيراني نفسه، حين وقف في الصف الأول المخصص للزعماء، بينما مكانه طبقا للبروتوكول هو الصف الثاني مع زميليه وزير الخارجية السعودي ووزير الخارجية التركي. الذي ترتب على ذلك مثلما جرى الحديث عنه في السوشيال ميديا هو ما قيل عن انسحاب الشيخ محمد بن راشد من القاعة، احتجاجا على «تدافع» اللهيان معه، الأمر الذي أدى إلى اقصائه إلى أقصى اليمين في
الصورة.
القاعدة الذهبية على صعيد قواعد الجلوس والوقوف هي «المكان بالمكين»، كما أن للقاضي شريح قولا مشهورا حين دخل احد المجالس وجلس في مؤخرة المجلس، فحين قيل له: الصدر، الصدر، قال: الصدر حيث
انا.
يبدو أن الشيخ محمد بن راشد لم ينزعج مما حصل بقدر ما انزعج اهل السوشيال ميديا الذين يريدون «عزا يلطمون به». فالشيخ راشد غرد لدى عودته إلى بلاده أنه التقى وزير الخارجية الإيراني الجديد وتمنى له
الموفقية.
أعرف أن قمة بغداد التي سجلت نجاحا كبيرا يحسب بقوة لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، سوف تبقى تثير المزيد من الجدل. ومع أن بعض الجدل مقبول وطبيعي، لكن هناك نوعا من الجدل لا ينطبق عليه سوى أنه جدل مجدول «لا راس له
ولا رجلين».