حميد طارش
أسفرت الاحداث الاخيرة في أفغانستان عن رسائل مهمة لجميع دول العالم بصورة عامة والدول التي تعيش ظروفاً مشابهة لافغانستان بصورة خاصة، كانت أول الرسائل وأهمها هي عدم الاعتماد على الولايات المتحدة الاميركية في حماية الدولة ونظام الحكم فيها، بل وكل ما تقوم به حتى في بناء الجيش الذي صرح الرئيس الاميركي بصرف آلاف المليارات من الدولارات لبناء جيش وشرطة، وصل تعداد أفرادهما الى ثلاثمئة ألف لم يصمدوا أمام طالبان التي يبلغ تعداد أفرادها خمسة وثمانين ألفا، لكن تلك القوات هربت مذعورة ومعها الساسة امام تقدم طالبان، بل وامتد الى فئات واسعة من الناس، لاسباب مختلفة تريد الهروب من أفغانستان، ولعل مشهد مطار كابول سيظل موجعاً وشاهداً على عجز الولايات المتحدة الاميركية وحلف الاطلسي وعاراً على الانسانية، التي لم تتخلص من كل اشكال الخوف، كما وصل الرعب الى الاميركان أنفسهم وهم ينزلون علمهم من على سفارتهم في كابول عند دخول طالبان اليها، المشهد يعيد نفسه تماماً، لكن لا أكرر تركيز وسائل الاعلام العالمية على الهزيمة المذلة للولايات المتحدة الاميركية في فيتنام، وانما ذلك المشهد العراقي الرهيب، بكل صوره المأساوية في سنجار وسبايكر وسجن بادوش وغيرها، الذي جعل كل شيء يتهاوى أمام عصابات داعش الارهابية من نينوى الحبيبة الى مقربة من بغداد، ولولا الفتوى المباركة وحشدها الشجاع لكانت أحداث أفغانستان نسخة طبق الاصل لأحداث العراق.
واما الرسالة المهمة الأخرى فتكمن في انعدام الثقة بين الحكومة والشعب بسبب فساد الحكومة وعجزها عن تلبية حاجات الناس وتأمين الحياة الكريمة لهم ما خلق الشعور بأن مقاومة طالبان تعني الدفاع عن الفاسدين، ولهذا ذهبت أنظمتهم الانتخابية وصناديقها أدراج الرياح، وحتى هذه اللحظة لم يصرح أحد من حكام افغانستان السابقين أو اية حكومة في العالم الى احترام النتائج الانتخابية وشرعية الحكومة
السابقة!.
وهكذا يصل الامر الى انعدام أثر مثقفي أفغانستان ومنظماتها غير الحكومية وفعالياتها الاجتماعية الأخرى في رفع مستوى الوعي وتشكيل رأي عام مستنير، ينتج تيارات سياسية وطنية قادرة على استلام السلطة وتغيير الواقع الافغاني بما يلبي تأسيس دولة الرخاء والكرامة لجميع الافغان من دون تمييز.