عبدالزهرة محمد الهنداوي
لعلها الاولى من نوعها، من حيث مستوى المشاركة وطبيعة المشاركين، تلك هي قمة بغداد المرتقبة لقادة دول الجوار الجغرافي والاقليمي، ودول اخرى، في مقدمتها فرنسا.
وتتمثل اهمية هذه القمة، في مكان وتوقيت انعقادها، وطبيعة البلدان التي تشارك فيها.
ابتداءً، جاء توقيت انعقادها سواء أكان ذلك بالصدفة، ام جرى التخطيط له، في ظل ظروف وتداعيات عالمية خطيرة، تمثلت باستيلاء حركة طالبان على مقاليد الامور في افغانستان، في مشهد ما زال عصيا على الفهم والاستيعاب، سياسيا وعسكريا، وبالتالي، فإن ما حدث في افغانستان، يستدعي، أخذه بعين الاهتمام، بحكم الموقع الجيوسياسي، لهذا البلد، وما قد يسببه من قلق وازعاج لاصدقاء العراق، «ايران والصين»، ولهذا اعتقد ان ملف طالبان وافغانستان، سيكون من بين الملفات التي ستشهدها طاولة قمة بغداد، فضلا عن ملفات اخرى بعضها ساخن وبعضها معتدل، واخر بارد، فثمة قضايا سياسية، واقتصادية ومائية، وامنية وعسكرية، واستثمارية وتجارية، كلها ستكون امام انظار القادة، وملفات بهذا المستوى من الاهمية، لاشك انها ستعطي القمة اهمية استثنائية، ومما يزيد من استثنائيتها، هي انها جاءت بدعوة من العراق، وتحتضنها بغداد، وهذا الامر يحيلنا الى ان العراق، بدأ يمارس دورا محوريا مهما في المنطقة، وهذا الدور من شأنه ان يلفت انظار البلدان الاخرى، الامر الذي سينعكس على الاستقرار الامني والاقتصادي والسياسي في البلاد، خصوصا مع وجود ملامح لافاق استثمارية عالمية سيشهدها العراق، ومن المؤكد ان نشوء مثل هذه الاستثمارات، سيدفع بالدول التي لديها شركات عاملة في العراق، الى العمل على حماية شركاتها، كما ان ذلك سيشجع بلدانا اخرى على التوجه نحو العراق للاستثمار في قطاعات مختلفة.
وليس بعيدا عن استثنائية قمة بغداد، فانها ستشهد لقاء الاضداد، فعندما تعلن قطر والسعودية والامارات والكويت وايران وتركيا والاردن، مشاركتها في القمة، فمعنى ذلك ان كثيرا من جبال الجليد بين تلك البلدان ستذوب، ونحن نعلم طبيعة العلاقة بين السعودية وقطر مثلا، او بين ايران والسعودية، او بين تركيا وايران، وهكذا، وان كان الكثيرون يتمنون وجود سوريا في القمة، ولكن يبدو ان الاجواء ما زالت غير مهيأة لمثل هذا الوجود، فقد يتسبب وجود دمشق، بفرط عقد القمة.
المهم، ان الجميع يترقب وينتظر انعقاد قمة بغداد وما سيسفر عنها من حسم لملفات مهمة، منها الملف المائي بين العراق وتركيا، كما ان من المتوقع ان تشهد العلاقات الثنائية بين الدول المشاركة في القمة انفراجا واضحا، ينعكس على المشهد الامني والاقتصادي على تلك البلدان، وفي مقدمتها
العراق.