علي حسن الفواز
منذُ ألفٍ وجرحُك يسمو دما
ويهتفُ بالعابرين اليكَ فما
تعلمنا أنَّ الطريقَ طويل
وأنّ خطانا بدت سُلّما
يا سليلَ البهاءِ وبيتَ الكلام
عطاشى لجرحِك حدّ الظما
ايقظتَ الأرضَ، فضجَّ دمُك بالصليلِ، يلمعُ نافرا،
يشدُّ خطى خائنيك، فيوهمهم بالغوايةِ، إذ لا مناصَ سوى
أنْ تكون، أو سوى أنْ ترتقي باذخاً موتَك العلوي.
منذ ألفٍ وأنتَ تلمَّ جراحَ العراق، تبادلُه وجعاً، عطشاً لا فرقَ،
إذ يتشابهُ القتلة عند الفرات، وعند مرايا الخطيئة، فكان دمُك الطهرُ سرَّ البلاد، وسرَّ المسار وسرَّ البقاء..
عبرتَ الحتوفَ خيارَ الحياة
فنلتَ من الموتِ لكي يُلجما
تشاطره ظلًّكَ ألّا يموتُ
فينثرهُ شغفاً للسما أنجما
ياحسين السماءِ بهيّ الخلود
عميقا، وريقا ولن يهزما...
مذ شدّتْ الخيلُ أوهامَها، وصار البغاةُ على أولِ الماءِ، فجاهرتَ بالزهوِ، تمشي إليهِ وحدّ السيوف، لن تطال الخطى عارضيك، فأنتَ الطريقُ الى الفيضِ، الى رئةٍ للمعاني، لذا علّقوا الماءَ مثل الرؤوسِ، فصرتَ تشدّ الى عطشِ الارضِ ريّكَ، تعتلي أفقاً، ترتدي أبيضَ الروحِ، وتلهجُ ياكربلاء كوني بلادا للخلود، لوجدٍ يعاشره الفقراء، الراكضون، يُساكنهم طفُّك حدّ البكاء.
ياحسين الخطى، ياحسين الطريق..
منذ ألفٍ ونحنُ نشدُّ خطانا إليك، نرممُ أرواحَنا بالشدو، فنصحو على دمِك اليانعِ كالزعفران، نشمّ عروقَك في الأرضِ، نغبطُها، إذ خانَك الماءُ، فاطلقت صوتَك صوبَ السماء، لتدنوَ منكَ البروقُ، تشاطرنا وجعَ الليل، أو وحشةَ الموت..
يا حسين الخطى.. يا حسين الطريق..
لن تتوهَ البلادُ إليك، فأنتَ الدليلُ، وأنت المدى، وإذ يتغوّى طغاةُ الحروب، أو باعةُ الوهم، فتكبرَ فينا، طاعناً بالمعاني، جليلاً بما يحملُ الخطبُ، وما يُشبع النفسَ بالكبرياء، او مايكون هو الأولُ/ الآخرُ..
ياحسينَ الخطى
يا حسينَ الطريق
خارجٌ من مراثي الحروبِ، الى ما تراهُ الجموعُ،
فأنت قريبُ الخطى دائما،
داخلٌ في المعاني، واسعٌ في الرؤى،
عاطلٌ موتُك القديم، تنكسرُ دونكَ الخيلُ والسيوفُ،
فيصعدَ رأسُك الرسولي يُصلّي، ويضحك ملءَ
الطريقِ الى كربلا..
يُبصر آخر الخطو، يوهبُ الوضوح للاستعارة، للنشيد،
يترك لقيامةِ الفكرةِ سطوعَها، فتمسو العبارةُ، وتتسع الرؤيا،
وتبدأ أسفارك
واهبة الخطى، «تلمُّ شملَ الجراح»
*وتكتب سيرتنا المقبلة... * محمد علي شمس الدين..