د. علاء هادي الحطاب
مَرت قبل ايام ذكرى يوم الشباب الدولي، ففي 17 كانون الأول عام 1999، أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها 120 /54 أن 12 آب سيعلن يوما دوليا للشباب عملا بالتوصية التي قدمها المؤتمر العالمي للوزراء المسؤولين عن الشباب، وأوصت الجمعية العامة بتنظيم أنشطة إعلامية لدعم هذا اليوم بوصفه وسيلة لتعزيز الوعي ببرنامج العمل العالمي للشباب، الذي اعتمدته الجمعية العامة بموجب قرارها
81 /50 في عام 1996، ومنذ ذلك الحين يُحتفل بهذا اليوم كيوم دولي للشباب في العالم لادراك المجتمع الدولي باهمية دورهم
في كل مسارات الحياة.
ولو رجعنا قليلا لتأريخ العراق المعاصر لوجدنا ان الشباب ساهموا مساهمات فعالة في كل احداثه من تظاهرات مؤيدة كانت او رافضة الى تشكيل احزاب فمعظم الاحزاب الكبيرة في البلاد اسسها شباب لم تتجاوز اعمارهم الاربعين عاما، كذلك معظم الاحداث الجسام التي حدثت قام بها شباب، اذ كانت ولا تزال لهم بصمة مهمة وواضحة في هذه الاحداث وليس اخرها تحرير البلاد من التنظيمات الارهابية التي سيطرت على بعض اراضيه ومقدراته. لذا ادرك العالم ان الاستثمار في قدرات الشباب هو افضل انواع الاستثمار لمسارات التنمية الاجتماعية والاقتصادية والامنية وغيرها وتُعد الدول المتقدمة ان الشباب هم رأس مالها، فلا نفط ولا زراعة ولا صناعة تغنيهم عن قدرات الشباب والاستثمار في طاقاتهم.
مشكلة البلاد اليوم تكمن في اهمال هذه الشريحة، اهمالها تربويا وتعليميا واجتماعيا واقتصاديا وحتى سياسيا، ولم يتم استثمارها بالشكل الافضل فمستوى رعاية التربية والتعليم التي يتلقاهما الشباب ليست بمستوى تطور وتقدم دورهم الاجتماعي في الحياة، كما ان استثمارها سياسيا لا يزال متواضعا بشكل كبير، اما اقتصاديا فهم الجهة الاكثر تضررا في المجتمع سواء المتعلمون منهم واصحاب شهادات عليا او غير متعلمين، لذا لم تشهد البلاد استقرارا سياسيا داخليا طيلة السنوات الثلاثين الماضية، وبالمقابل شهدت التجارب دورا مهما لنماذج ناجحة للشباب في مجالات مختلفة اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا واداريا يشار لها بالبنان في العراق فضلا عن الدول المتقدمة. لذا فان الحل يكمن في وضع ستراتيجيات فاعلة للاستثمار في طاقات الشباب وقدراتهم قبل الاستثمار في باطن الارض وما فوقها، اذ ان استثمار الطاقات والقدرات استثمار لا ينضب، بل هو متجدد ومبتكر للافكار كل يوم نتيجة تطور الافكار وسرعة
استجابة الشباب لها.
وهنا اذ نتحدث عن ضرورة الاستثمار في قدرات الشباب وتنميتها لا يعني اطلاقا اهمال الخبرات التي يمتلكها كبار السن بل ان النجاح كل النجاح يكمن في توظيف هذه الخبرات في عملية الاستثمار التي نتحدث عنها لايجاد نوع من التكامل الستراتيجي لعملية توظيف مجمل القدرات والامكانيات لمنهجية الاستثمار في الانسان قبل الارض والموارد .