بقلم : د.حميد النايف
أن عملية بناء الدولة هي مسؤولية جماعية، يشترك فيها الجميع، المواطنون من خلال أداء واجباتهم وممارسة حقوقهم، والدولة عن طريق أدائها للواجبات السياسية والخدمية ازاء الشعب، ولا شك أن جميع أمم وشعوب العالم تطمح الى بناء الدولة القوية المستقرة، وهي تسعى نحو ذلك الهدف، بكل ما تمتلك من طاقات مختلفة ، وكل ما لديها من موارد وافكار وقدرة على التخطيط والاستثمار.، ولابد من المحافظة على حقوق الشعب و واجباته، أي بمعنى يجب أن يعرف الجميع ما لهم وما عليهم، كون الشعب العراقي يتكون من أعراق واثنيات وأقليات متعددة، فالكل له الحق بالحياة الكريمة في ظل عراق غني ومستقر وموحد وفاعل في آن واحد، و هذا التنوع السكاني أذا لم يُستثمر بالطريقة الصحيحة فأنه سيتحول الى عائق لبناء دولة مستقرة ، لاسيما وان العلاقة بين الشعب والحكومة مازالت تسودها حالة عدم ثقة ,وان ما يشهده العراق اليوم من مطالبة الجماهير بالحقوق والحريات والخدمات، أمر مشروع تماما، واذا كانت الحكومة بحاجة الى بعض الإجراءات الدستورية السليمة، من اجل تحقيق هذه المطالب، فيمكن ذلك من خلال الإصلاحات الصحيحة التي تصب في بناء الدول المستقرة، لهذا ينبغي أن يسعى السياسيون بكل إمكانياتهم لصياغة إصلاحات حقيقية، تلبي تطلعات وحاجات الشعب العراقي، على أن ترتكز منطلقات صياغة القوانين التي تلبي طموح المواطن العراقي والتي تحتاج ليس فقط لأهتمام حكومي بل تحتاج الى تشريع برلماني وهي قوانين معمول بها في كل الدول المتقدمة ومنها تشريع قانون الضمان الصحي للمواطن و كذلك تشريع قانون الضمان الاجتماعي والذي يسهم في مغادرة الكثير من المتظاهرين الباحثين عن العمل والخدمات أماكن تواجدهم تزامنا مع تشجيع القطاع الخاص وتسهيل قوانين الاستثمار والتي سوف تسهم في أستقرار مجتمعي , فضلاً عن عدم التكالب على الوظائف الحكومية وامتصاص زخم البطالة الحالي وهذه أجراءات تصب في بناء الدولة ,إضافة الى عملية تنفيذ الحزم الخدماتية للمواطنين وهي تقع ضمن مستلزمات حياتيه يومية للمواطنين , و هذه جزء مهم من مقومات بناء الدولة ولكن هذا لم يأتي الا بتكاتف الجميع والحد من الفساد المستشري في مفاصل الدولة , فضلا عن حسن إدارة أموال الدولة ونظامها الضريبي والجمركي والذي يدر أموالا طائلة لخزينة الدولة والدخل القومي للبلاد , فضلا عن ضبط المنافذ الحدودية للبلد وإعادة هيكلتها اداريا وماليا وفنيا وأمنيا بما ينسجم والتوجهات الحكومية في ضبط إيقاع عمل الدولة, إضافة الى وضع الرجل المناسب في المكان المناسب واستقطاب الكفاءات المستقلة صاحبة الايادي البيضاء في مفاصل العملية الإنتاجية للدولة , لان الكل يؤكد على ان إدارة أموال الدولة باتت تشكل ارقا للمتصديين للعمل المالي والسياسي ،إضافة الى سوء إدارة أموال الدولة وعدم تبويبها بالوضع الصحيح جعلها تتعرض بين الحين والأخر الى ارهاصات، غير محسوبة المخاطر كما أن انسيابية هذه الأموال يجب أن تكون ضمن السياقات المالية المتبعة قانونا و تخضع للتدقيق والمحاسبة ، وبالتالي سنجد اذا ما اتبعنا الإدارة الصحيحة لأموال و موارد الدولة المنظورة والغير منظورة، النفطية وغير النفطية ، ان بلدنا غني بثرواته ولا يحتاج الأستدانة من أحد ولكن اذا أستمر سوء أدارة أموال و أيرادات الدولة على ماهو عليه الان يجعل الحكومة متلكئة في أداء أعمالها ولا تحقق أهدافها ، وعليه المراجعات الحقيقية وتلافي الأخطاء وإيجاد الحلول المناسبة لها ومعالجتها هذه كلها تسهم في بناء الدولة الحقيقية , لاسيما وأن العراقيين بأستطاعتهم بناء الدولة و لكن بنفس الوقت لا يمكن القبول بالعنف كطريق لبناء الدولة، او لتحقيق الأهداف والحقوق المشروعة للمواطنين، ويجب التعاون المشترك،من أجل إبعاد شبح العنف عن العراقيين،.
لهذا ينبغي أن تسعى الحكومة والبرلمان وأصحاب القرار بكل إمكانياتهم لتنفيذ إصلاحات حقيقية من خلال تبني إدارة ناجعة للموارد المالية والبشرية التي تلبي تطلعات وحاجات الجماهير العراقية ، على أن ترتكز منطلقات الإصلاح والتشريع على مصلحة المواطنين وتلبية حاجاتهم المشروعة، وكيفية بناء الدولة المستقرة والمتقدمة قبل أي شيء آخر.