توصيفات غير منصفة للجمهوريَّة الأولى

مقالات
  • 15-07-2021, 08:16
+A -A

  قاسم موزان 
 على الرغم من مرور ثلاثة وستين عاما على قيام ثورة الرابع عشر من تموز في العام 1958، الا انها تعرضت الى سلسلة من الانتقادات والتوصيفات، وغالبا ما تتسع دائرة الخلاف في الادبيات السياسية والاجتماعية في اطلاق مصطلح يناسب الحدث الكبير، الذي اطاح بالملكية ونقلها العهد الجمهوري.

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
كنتيجة حتمية فرضتها المتغيرات الجوهرية في المحيط الاقليمي والدولي، الا أن خصوم الثورة من المستفيدين واصحاب المناصب الرفيعة وملاك الاراضي على حساب الفلاح المسحوق، وقفوا بالضد من الثورة ووصفوها بانقلاب على الشرعية او حركة كتب لها النجاح. والعراق حينها حسب رأيهم كان يتجه بثبات صوب بناء بلد ديمقراطي ويبشر بالافاق المستقبلية انذاك، في بلورة ونضوج دولة حضارية مدنية، تسودها العدالة الاجتماعية وتغيب عن اذهان خصوم الثورة التراكمات الكمية من الجهل الامية والاهمال والتسلط، التي لعبت في نهاية الامر الى نتائج حتمية على مختلف الاصعدة، اما مؤيدو الثورة فقد عدوها انتقالة نوعية في تاريخ العراق وانتصارا للارادة الشعبية، وانها جاءت على الظلم والطغيان والتهميش والتمييز، ووقوف الشعب في دعمها ومساندتها منذ اليوم الاول لقيام ثورة 14تموز ادلة كافية على شرعية الحدث الوطني الكبير، ورأي آخر شبه محايد يرى أن ثورة تموز حققت المنجزات المهمة، الا انها اصبحت في ما بعد بوابة لسلسلة من الانقلابات الدموية قادها العساكر والباحثون عن الاضواء السياسية، دفعت أثمانها الباهظة الحركات الوطنية والدينية على حد سواء .على الرغم من التوصيفات غير المنصفة لثورة 14 تموز، الا أن الثورة خلال عمرها القصير في حساب الزمن حفلت بالمنجزات على ارض الواقع، وهي كبيرة جدا اذهلت المراقبين، فقد انفتح العراق على دول العالم وعلى وجه الخصوص المعسكر الاشتراكي، خصوصا الاتحاد السوفييتي السابق، وتعزيز علاقاته معه والاستفادة من خبراته وابتعاده عن المحاور.
 وحققت سياسته الخارجية نتائج باهرة مع دول اخرى، اما على الصعيد الاقتصادي فقد كان خروج العراق من الكتلة الاسترلينية المقيد للاقتصاد العراقي انجازا لافتا، ومن ثم اصدار القانون 80 للعام 1961، الذي حدد بموجبه تعيين مناطق استخراج النفط من قبل الشركات الاحتكارية، اذ كانت اراضي العراق مباحة ومتاحة للبحث عن الثروة النفطية. فضلا عن توزيع الاراضي بين الفلاحين وتحييد سلطة الاقطاع القمعية، وقامت الثورة بانشاء المدن السكنية على الطبقات الفقيرة عوضا عن العيش العشوائي. 
وشهد العراق في العهد الجديد ثورة تربوية كبيرة اصبحت محط اعجاب الدول المجاورة. الا أن هذه المكتسبات العظيمة لم ترق لاعداء الثورة، فكان انقلاب 8 شباط الاسود 1963 الذي قلب المعادلة الوطنية المتوازنة بمؤامرة صريحة، لا تخفى على أحد وأعدم قائد الثورة الزعيم عبد الكريم قاسم ورفاقه ودخل العراق الى نفق مظلم آخر أكثر قتامة.