حسين المولى
تُعد الأسرة من مرتكزات المجتمع القويمة، ومع عدم تعريفها في الدستور العراق رغم النص على هذا المصطلح في صلبِ الدستور العراقي لعام 2005، ألا أنه يمكن تعريف الأسرة وفقًا لما جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948: بأن الأُسرة هي الخلية الطبيعية والأساسية في المجتمع ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة، ومن الحالات التي تغير الكثير من مفاهيم الاسرة هي مرحلة الطلاق الحاصلة بين الزوجين
وما تخلف ذلك من آثارٍ سلبية خاصة مع وجود أطفال، ومن خلال مقترح تعديل القانون الذي قُرئ في مجلس النواب العراقي قبل ايام نسلط الضوء في هذا المقال على مجموعةٍ من التعديلات، والتي اشتملت على تعديل المادة 57 من قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959، والخاصة بحضانة الاطفال، ففي المادة الأولى من القانون تكون الحضانة للأم لتمام السابعة من العمر ما لم يتضرر المحضون، في حين ان القانون الحالي لم يشترط هذا العمر في ثنايا النص.
ومن أبرز التعديلات التي ادخلت على مقترح القانون هو إن الحضانة تسقط عن الأُم في حالة زواجها، في حين إن القانون النافذ قد أقر بأنه لا تسقط الحضانة عن الأم المطلقة في حالة زواجها من شخص غير أجنبي عن المحضون، في حين ان النص الجديد لم يتطرق لذلك والمعلوم ان النص المطلق يجري على إطلاقه ما لم يقيد، لذلك تسقط الحضانة عن الأم في حالة زواجها بكل الأحوال سواء كان ذلك الزوج أجنبيًا عن المحضون أو لا، كما ان القانون قد تطرق لنقطة جديدة هي حالة ان الحاضنة التي انهيت عنها الحضانة بحكم، فبإمكانها ان تطلب استرداد المحضون بعد مرور سنة من اكتساب الحكم الدرجة القطعية، في حين نجد أن القانون النافذ قد حددها بمدة وجوده معه، كما ان القانون المقترح قد اضاف نقطة جوهرية ولطالما حصل الكثير من الاختلاف في تطبيق النص وخاصة تضارب أحكام القضاء، حيث حدد منح وصايا السفر من اجل العلاج فقط، وفي حكم آخر لإحدى المحاكم قد اعطت الحق في سفر المحضون من حالة ان يكون السفر لغرض زيارة المقدسات، وهذا التضارب قد جعل المشرّع ينص بصورة صريحة على أن سفر المحضون يكون بموافقة الأبوين أو بإذن من القاضي، إذا تبين أن مصلحة المحضون تقتضي بذلك، ولأجل ضمان عودة الطفل للبلد يكون ذلك من خلال تعهد وكفالة مالية تؤمن الالتزام بهذا التعهد، وفي محور سن اختيار البقاء مع احد الأبوين جاء نص المادة بان تمام سن الخامسة عشرة هو سن اعطاء احقية الاختيار مع من يشاء من ابويه، ويمكن كذلك ان يختار أحد أقاربه لحين اكمال سن الثامنة عشرة.
وقد اشترط المشرّع في مقترح القانون ان هذا الاختيار مرتبط باقتناع المحكمة في هذا الاختيار، وذلك اذا آنست المحكمة من الرشد في اختياره، ونحن نرى ان هذا سيضيف العبء الكبير على المحكمة في اختيارات الشخص، وكان الاجدر به ترك هذا لحرية الشخص بعد الوثوق بعدم وجود ما يهدده في اختيار شخص معين، وما نطمح له ان يرفد المشرّع بين ثنايا القانون نصًا يتيح من خلاله للأب أو الأم مشاهدة المحضون بصورة إلكترونية، من خلال منصات التواصل الاجتماعي التي تتيح خدمة الدردشة الصوتية أو الفيديوية، وفي نهاية الأمر ومن اجل ذلك كانت الأسباب الموجبة للقانون انه لأهمية احكام الحضانة ولتعلقها ببناء الأسرة، وبقصد الحفاظ على الاطفال من الضياع والتشتت وتنظيم الروابط الأسرية، وتحقيق التوازن بين حقوق الطفل وذويه بما يتفق مع مبادئ الشريعة الاسلامية السمحاء على اختلاف مذاهبها، من دون التقيد بمذهب معين، ولغرض تغطية جميع الحالات التي تعرض على القضاء.