علي الخفاجي
كثير من الحضارات نشأت على ضفاف الأنهار كالحضارة العراقية القديمة (دجلة والفرات) والحضارة المصرية (نهر النيل) والحضارة الهندية (نهر السند) والحضارة الصينية (النهر الاصفر)، وتسمى هذه الحضارات بحضارات الأنهار لقربها منه، ولم تكن فكرة إنشاء هذه الحضارات بالقرب من مجرى الأنهار محض صدفة بل عمد أصحابها على ذلك للاستفادة من المياه، للشرب ولسقي المزروعات ولسهولة نقل البضائع والأشخاص، وعرف سكان الحضارات القديمة بمعيشتهم القاسية الى أن وصلوا الى العيش بأماكن أفضل حالاً، ومن ثم تكيفوا مع البيئة الزراعية، اذن ولأجل أن تكون الحياة متكافأة مع الطبيعة البشرية لا بد من وجود عوامل مساعدة للعيش ببيئة سليمة خالية من التعقيدات ومن هذه العوامل هي الزراعة، ومن ثم زيادة المساحات الخضراء.
بين الحين والآخر تتجدد المطالبات بإنشاء حزام اخضر يطوق المحافظات والمدن والمناطق التي بدأت تتحول الى أراضٍ قاحلة بسبب عدم وجود مساحات خضراء أو تشجير ملائم يتناسب مع الحياة في هذه المدن، وبالمقابل تزداد الوعود الحكومية والحديث عن الشروع لانجاز الحزام الأخضر، لكن الى الآن ورغم كمية الوعود لم نرَ أي بوادر للبدء بمثل هكذا مشاريع وامست مجرد أفكار من دون تطبيق بحجة التكلفة المادية العالية او عدم وجود مايكفي من المياه لسقي هذه المساحات، وأسباب كثيرة حالت دون إنجاز هذا المشروع
الحيوي.
تحدثت المراكز المتخصصة بالتصحر والتلوث البيئي عن ارتفاع واضح في نسبة ما يتعرض له العراق على هذا الصعيد، وذكر تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن أكثر من 150 منطقة ساخنة بيئياً تتطلب الإصلاح وإعادة تأهيل، من بينها أكثر من عشرين منطقة تحتاج إلى التدخل السريع، خصوصاً المناطق الصحراوية التي تتسم بالحرارة العالية مثل مناطق في الأنبار ومحافظتي المثنى وذي قار بسبب تكرار مواسم الجفاف مع انخفاض تدفق المياه في دجلة والفرات الى جانب سوء إدارة الموارد المائية الذي أثر كثيراً على الأراضي الزراعية، ومن ثم زيادة نسبة الملوحة، وحسب تقرير صدر عن وزارة الزراعة اكد فيه أن البلد بحاجة الى 14 مليار شجرة لاحياء المناطق التي تعاني من التصحر.
الحلول والمعالجات لاستغلال الأراضي الصحراوية وتحويلها الى خضراء كثيرة، ففضلا عن إضفائها طابع الجمال فهي تعمل كمصدٍّ للعواصف والأتربة التي تجتاح مناطقنا بين الحين والآخر، وبذلك يتحسن مستوى الصحة العامة نتيجة لتقليل خطر الاصابة بالامراض، وكما تعمل هذه المساحات الخضراء لوضع حدود واضحة لأي مدينة، وبذلك لاتسمح بالتوسع وانشاء العشوائيات، وايضاً ستحث الدوائر ذات العلاقة على إنشاء طرق خارجية موازية للحزام الأخضر يخلص المحافظة او المدينة من الزحام المروري الكبير، ومن ثم سيشغل الأيادي العاملة ويقلل البطالة.