محمد شريف أبو ميسم
حين عين {روبيرت مالي} مبعوثا أميركيا خاصا الى ايران في نهاية كانون الثاني الماضي، أثيرت ضجة كبيرة حول هذا الشخص بوصفه أميركيا من أصول مصرية، ومتهما بالعداء لاسرائيل والتعاطف مع ايران، مع انه كان مديرا للشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي، ضمن إدارتي الرئيسين بيل كلينتون وباراك أوباما.
وظل روبيرت عرضة للانتقاد والضغط السياسي والاعلامي من رجال السياسة الأميركيين والاسرائيليين ووسائل الاعلام الممولة من الجهات الضاغطة على ايران طيلة الأشهر السابقة، للحيلولة (كما كان يبدو) دون أن يكون له دور ايجابي في تقريب وجهات النظر بما يخدم مصالح ايران ورفع الحصار عنها. ويذكّر الجمهوريون دوما بمواقفه المنحازة تجاه ايران، خصوصا معارضته للمبادئ التي وضعها وزير الخارجية السابق مايك بومبيو كشرط لرفع العقوبات عنها، الا ان ادارة بايدن بقيت متمسكة بالرجل لأنها تجد فيه ما يؤهله لهذا الدور، استنادا الى امكانية توظيف ما قيل بهذا الشأن وايجاد مخارج للعنت والتصلب باتجاه اللين في المواقف.
بالأمس صرح روبيرت مالي: إن {باب المفاوضات مع ايران لن يبقى مفتوحا} في اشارة يراد بها الى التلويح بغلق باب المفاوضات، ما لم تنخرط ايران ضمن برنامج معد سلفا في سياق مطالب الطرف الآخر ارضاء لشديدي الانتقاد، مؤكدا بالقول {نتشاور عن قرب مع اسرائيل ونستشيرها بشأن مفاوضاتنا مع ايران} ليعلن انه بات رجلا مخلصا لمنتقديه، وان ما كان يقال، لا يعدو أن يكون انتقادا في سياق الصراع السياسي المحتدم بين الجمهوريين والديموقراطيين تحت مظلة أسياد المال والشركات التي تحكم العالم.
اللافت هنا، ان ايران لم تعول كثيرا على هذا الشخص برغم ما قيل بشأن ميوله اليها ومواقفه العدائية من اسرائيل، مع انه كان من بين أعضاء الفريق الذي مهد لولادة الاتفاق النووي، ولم تعوّل على سواه في تعاطيها مع خصومها. وبقيت سياستها قائمة على منطق العين بالعين والعلم بالعلم والصاروخ بالصاروخ، حتى تغيرت الموازين بعد أن أحاطت الكيان الاسرائيلي بغابات من الصواريخ في سوريا ولبنان وسواها، وبات الخطر يهدد هذا الكيان وحتى سفن الولايات المتحدة وبوارجها في أعالي البحار والمحيطات القريبة من الشرق الأوسط، حتى لكأن تصريحات مثل تصريحات مالي باتت ضربا من الدعابة، بجوار ما حققته ايران علميا وعسكريا خلال سنوات سياسة العصا التي اتبعها {ترامب} ليكون التلويح بالجزرة في مرحلة بايدن أمرا مخجلا، ومدعاة للعودة بمالي وسواها الى سياسة التصريحات الرنانة، بعد أن أصبح المشروع الشرق أوسطي مهددا وعرضة للابتزاز الايراني.