سلام مكي
التضحيات الجسام التي قدمتها القوات المسلحة بكل صنوفها وتشكيلاتها، اسهمت بالقضاء على أبشع عدو واجهه العراق على مدى تاريخه الحديث والمعاصر وهو الارهاب، فالمواطن العراقي بفضل تلك التضحيات، أخذ ينعم بالأمن، فلا مفخخات ولا تفجيرات.
لكن هنالك أمناً مجتمعياً مفقوداً بالمقابل، والمواطن وحسب ما نص عليه الدستور، له حقوق كثيرة، ومنها الحق في الشعور بالأمن النفسي والاجتماعي، سواء في منزله أو في مجتمعه، ورغم أن الأجهزة الأمنية واقفة على قدم وساق، لحماية ذلك الحق، والسهر على ضمان أمن المواطن في كل مكان وزمان، نجد أن هنالك عمليات يومية للأجهزة الأمنية تعلن فيها القبض على متهمين، بجرائم مختلفة، منها الابتزاز الالكتروني، اذ نسمع يوميا عن إمساك متهمين، يمارسون ابتزاز المواطنين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أما من خلال اختراق الصفحات الشخصية، أو من خلال الايقاع بالضحايا من المراهقين والأطفال، ثم مساومتهم على مبالغ مالية، لقاء عدم نشر صورهم، والابتزاز أدى إلى غياب الأمن داخل المنزل، اذ ان أي مواطن معرض للابتزاز، سواء ابتعد عن الأمور المريبة، أو لم يبتعد، ذلك لأن المبتزين، أصبحوا يمتلكون طرائق وأساليب جديدة ومختلفة، تمكنهم من الايقاع بأكبر عدد من الضحايا خصوصا من النساء،
فرغم أن الأجهزة الأمنية وكما قلنا، تواصل الليل بالنهار، بغية القضاء على هذه الظاهرة الخطيرة والتي تهدد النسيج الاجتماعي، وتؤدي إلى كوارث اجتماعية لا حدود لها، إلا أن عمليات الابتزاز مستمرة، وتمارس بشكل أكبر من السابق، وهنا يرد سؤال: كيف يمكن تفسير تصاعد عمليات الحد من الابتزاز، مقابل زيادة حالات الابتزاز؟ وكيف نفسر توجه مجلس
القضاء الأعلى إلى تشديد العقوبات بحق المبتزين، وإيقاع عقوبات قاسية بحق من تثبت ممارسته الابتزاز الالكتروني، مقابل عدم وجود مؤشرات على
تراجع عمليات الابتزاز؟ هل إن القانون لم يعد رادعا بشكل كاف؟، وهل العقاب الذي ينتظر المبتزين لا قيمة لها أمام شعور الابتزاز وكسب أموال قليلة والتمتع بها لوقت قليل؟، وسائل الاعلام الحكومية من قناة العراقية وجريدة الصباح وغيرهما من المؤسسات الاعلامية الأخرى، لم يدخروا جهدا في ممارسة أي نشاط اعلامي يهدف للحد من هذه الظاهرة الخطيرة.
فهنالك برامج لعرض المبتزين على وسائل الاعلام ليكونوا عبرة لغيرهم، والقضاء يطبق العقوبات
الأشد بحقهم، والبرامج التي تحذر من الابتزاز، كلها تمارس عملا واحدا وتقف بمواجهة أخطر ظاهرة يواجهها المجتمع العراقي، وبالمقابل نجد أن الروح الاجرامية تسري بدماء الكثيرين، وأيضا هنالك من لا يكترث بالتحذيرات التي يطلقها مختصون ورجال أمن عبر وسائل الاعلام لأخذ الحيطة والحذر أثناء استخدام وسائل التواصل من دون جدوى.