أمل الأسدي.. شاعرة تغازل الإبداع بصور متجددة

ثقافة وفن
  • 15-06-2021, 12:00
+A -A

بغداد ـ واع - آمنة السلامي 

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
عندما يتمكن الشاعر من نقل صورة من صور الحياة من خلال أفكاره وعواطفه ويجسد ذلك في صور جميلة ، ويختزل عبر نصوصه صور الحياة والتاريخ ، ويتناول قضايا المجتمع ، ويسلط عليها عبر الشعر والأدب عامة المرآة العاكسة ، هو بالتأكيد النموذج الإبداعي الذي يبحث عنه الجميع ويستوقف الجميع ، وقد تكون الحاجة ماسة حالياً إلى نساء يتمتعن بالعلم والمعرفة ويمتلكن القدرة الكافية على تمثيل العراق في المحافل الدولية من خلال الإبداع العلمي والثقافي.
والكاتبة والناقدة والشاعرة أمل الأسدي واحدة من أولئك النسوة العراقيات اللواتي يشكلن منعطفاً إبداعياً ،القتها وكالة الأنباء العراقية(واع) ، للتعريف بمنجزها الإبداعي.
عرَّفت الأسدي في البدء عن نفسها أنها من مواليد 1981 ،ومن أسرة علمية بغدادية ، وحاصلة الى شهادة البكالوريوس في اللغة العربية،  ودكتوراه في الأدب العربي.
وبادرناها بالسؤال:
* متى كانت البداية الحقيقة في مشوارك الشعري؟
ـ البدايات يصعب تحديدها لمن يهوی الكتابة عموماً، لكن رسمياً أعدُّ صدور مجموعتي الشعرية (حضن ضال) هي الانطلاقة المتممة لعدد من النجاحات الأكاديمية،والنجاحات في الحياة العامة.

الشهرة ليست معياراً
وتضيف الأسدي أن هناك اختلالاً في المعايير إجمالاً في شتی مجالات الحياة، وبالنسبة لموضوعة الشهرة فهي لا تعني الإجادة والتميّز ،ولاسيما بعد البرامج الشعرية والمسابقات التي تُقام في دول عديدة، التي تخضع لاعتبارات سياسية ومذهبية وشخصية ،ناهيك عن قضية التصويت وتدخل الجمهور، إذن الشهرة ليست معياراً للفن، فضلاً عن ذلك فإن هناك ظاهرة في الوطن العربي تُعرف بـ (الشليلة) كما يسمونها في مصر، وتعني نظام العلاقات والمعارف والمجاملات في الدعوات والمهرجانات والقراءات.

ملح الحياة
* بين الشعر والنقد والقصة، أين تجد الأسدي نفسها؟.
- أنا اشتغلت في النقد وكرست له جهداً ،ولاسيما في الساحة المصرية، وربما انشغالي في نشر مؤلفاتي النقدية أخرني عن إصدار الشعر، حقيقة أنا لا أستغني عن الثلاثة، فالشعر ملح حياتي اليومي ووقودها الدائم، والقصة لحظة الكشف والتنوير والمعالجة في حياتي، وتعني لي أداة الاتصال بالمجتمع وقضاياه، وكذلك النقد هو ميدان عملي الأكاديمي، فلا غنى عن الثلاثة. 
* ومن هم الروائيون الذين تقرئين لهم؟. 
- أنا أقرأ كثيراً، وأتواصل مع النصوص بغض النظر عن شهرة أصحابها من عدمها، لكنني أميل دوماً الى الروايات الواقعية التي تشعرني بدفء الحياة التي أری فيها خطوات المارة، وأسمع فيها أنين الموجوعين والمظلومين والعاشقين، فمثلاً لا أجد ألذ من روايات محفوظ وفرمان.
* هل هناك شاعر مفضل تأثرت فيه؟. 
- قبل الشعر والشعراء، النص الأول الذي أثّر بي هو النص القرآني، ولا يمكن لأي شاعر يطمح بأن تكون له ملكة فنية، وخزين لغوي ،وطاقة معرفية من دون أن يسبر الغور في بنية النص القرآني ،ثم بعد ذلك سيد الشعر الخالد أبو الطيب المتنبي العظيم.
وهو كهف حصين وملاذ شعري نادر، ثم الجواهري، ويمكنني أن أُضيف شيئاً مهماً، أنه لا يمكن لأي شاعر أن يكون شاعراً بمعنى الكلمة من دون هذه العتبات، والذي يجري في عصرنا هذا أن كل من هبّ ودب صار شاعراً تحت ذريعة قصيدة النثر، حتی صرنا نقرأ نصوصاً هجينة وركيكة، لا توجد فيها صورة شعرية، ولا موسيقی داخلية، هي سرد بارد وغامض ومبهم أحيانا.
الكتابة نداء داخلي

* ألا تشعرين بالإحباط  من الظروف الصعبة الراهنة؟.
ـ لا بد أن يمر الإنسان في لحظات إحباط، وهذا طبيعي جداً  !
لكن يجب ألا نجعل الإحباط يستولي علينا، ويوقف عجلة حياتنا، أنا بعيدة جداً عن الإحباط؛ لأني أعمل كثيراً، ولدي اهتمامات كثيرة.
* كيف توفقين بين الكتابة والتدريس؟.
ـ في الحقيقة الكتابة هي من تدعونا لها ،فثمة ماورائية تقف خلف الفعل الكتابيّ، فتارة أكتب نصاً شعرياً باذخ العاطفة والشعرية، وتارة أكتب قصصاً أُعبّر فيها عن لحظة آنية نعيشها، لحظة تهزُّ الوجدان وتستدعي الكتابة للمناداة، فتنادينا ونلبي؛ لذا أكتب في مجالات عديدة، ولي مدونات كثيرة ،وأشارك في ندوات مختلفة، وإجمالاً أنا مع كل فعل يريطني بوطني وأهلي وقضاياهم. 
* هل وصلت مرحلة اضطرِرت فيها للاختيار بين كتابة الشعر ومغريات الحياة المادية؟.
ـ  أنا مخلصة جداً لقضيتي، قضيتي الشعرية والقصصية والنقدية والأكاديمية، وقد أغلقت أبواباً كثيرة ومضيت غير ملتفة للمادة ولا  لأي اعتبار يخدش كرامتي ويجور علی إنسانيني.

نصوص هزيلة
* ما هو تقييمك لديوان الشعر  المعاصر؟ هل ضعُف وتقهقر هذه الأيام بسبب ظروفنا السياسية؟ 
ـ أعدُّ هذه المرحلة،مرحلة ضبابية،مشوشة،وأزعم أن المثقفين والأدباء والأكاديمين والفنانيين بعيدون عن المجتمع،بعيدون عن الاندكاك في مشكلاته، المفروض أن يكونوا قادة للوعي،ولو كان دورهم فاعلاً لما شهدنا تراجعاً في كل مفاصل الحياة،ولما لمسنا فجوةً كبيرة بين الأجيال.أما عن الشعر  فالحديث محزن ومبك،نسمع ونتابع ونری نصوصاً هزيلة وفقراً لغوياً مدقعاً،وابتعاداً عن الذوق العام،فصرنا نسمع مثلاً : الرجل كلب،والفتاة تدور في غسالة الملابس،وأن الله جل وعلا يشبه امرأة!!، بدواعي كسر التابو ومغادرة التقليدية.خُلق تشويها كبيراً في الشعر وفي غيره من الأجناس الأدبية والفنون.
* هل هناك موقف مررت به ولا تنسينه أبداً؟
ـ نعم،الموقف الذي لا يغادرني ولا أُغادره،هو استشهاد المهندس،كان وما زال زلزالاً مرعباً بالنسبة لي،فلم نلتقط أنفاسنا من معارك التحرير،ولم نحتف بانتصاراتنا،سُرقت سريعاً،فكتبت عن مأساة الوطن الذي يفقد قائداً بغتة،كتبت شعراً وقصص كثيرة.                        * ما دور البيئة في كتابتك ؟
ـ أنا شديدة الانتماء إلی بيئتي وموروثي،أعشق كل التفاصيل،واحتفظ بحكايا الجدات عن بغداد وسحرها، وعن سحر السيدات البغداديات وأناقتهن،وصناديق (الفرفوري) ورائحة الغار! ،أعشق الكاظمية وشناشيلها ومنائرها الذهبية،أعشق كهرمانة وأبي نواس ، أعشق تفاصيل وجوه الناس،وكثيراً ما تجدينني أحمل كاميرتي وأُصور حياة الناس وملامحهم،ولاسيما في المناسبات كالأربعينية والمواكب،وكرم العراقيين الفريد،فأُصور ودموعي معي شاهدة، نحن شعب يحب الحياة،لا يعرف اليأس؛لذا هو أبيٌّ،باق،مستمر.
* ما مدى تأثير الأحداث التي نمر بها على كتابة الشعر  والقصة بالنسبة لك ؟
ـ هذا السؤال جوابه يرتبط بالذي قبله؛لأني أنتمي الی بيئتي،ولأني مخلصة لقضايا وطني،،ولأني امرأة،والمرأة كائن شفاف،سريع التأثر،مليء بالعاطفة،وعلی هذا نعم ..تؤثر الأحداث كثيراً في كتاباتي المختلفة.

* هل تحبّذين أن يكون الشعر واضحاً يسهل فهمه بالنسبة للقارئ؟
ـ لاهذا ولا ذاك،لا سهولة وسطحية تحيل النص الی سرد مكشوف أو نظم مجوف،ولا تعمد الغموض والإفراط فيه، لذة التلقي في النص الذي يخطفك إلی عالمه،ويجعلك تبحثين عن مفاتيح التأويل،ومقامات الجمال.
* ما هو كلامك الموجه الى جيل اليوم ؟
ـ هذا همي الكبير،شبابنا وبناتنا يحتاجون منّا أن نفتِّح لهم الأذرع،ومن دون ذلك يصعب علينا إيصال ماعندنا إليهم.أنا علاقتي مع طلبتي ناجحة جداً،يتخرجون من كلياتهم ويبقون علی تواصل معي،وينادونني أمي!!.
دائما أقول لهم: اعتزوا بما عندكم،العراق بلد البدايات الإنسانية والحضارية،اعتزوا بهويتكم،اعتزوا بموروثكم ،وأيضا أطلب منهم أن يضعوا نصب أعينهم أمراً مهماً وهو أن يُخُضِعُوا كلَّ شيءٍ للنقد والتحليل،وأن يبتعدوا عن التلقي السطحي،كي يقووا أنفسهم من سرعة حركة القطيع. 
* هل اقتصرت كتبك عن شيء محدد أو أنك  تميلين الی التنوع ،أو كانت حسب مستجدات الأمور ؟ 
ـ ابتداءً ،انشغلتُ بالكتب الأكاديمية تبعاً لتخصصي،وبعدها بدأت بإصدار ما لديّ من نصوص إبداعية(شعر وقصة) وحتما هناك مستجدات قد تتدخل في توجيه الإصدارات
* أذكري لنا بعض مؤلفاتك المهمة.
ـ الخصائص الأسلوبية في آيات القيم الأخلاقية. 
ـ بلاغة الإظهار والإضماء في بعض النصوص القرآنية.
ـ شعر أبي جلدة اليشكري (دراسة موضوعية وفنية)
- أبحاث في الاستشراق والأدب المقارن.
ـ متصوف وليس صوفياً،دراسة في ثنائية الشاعر المصري البيومي محمد عوض(صمتها زعفران،سيرة الياقوت)
- مرفأ الحروف (.دراسات نقدية)
ـ شهقة قلم(دراسات نقدية)
* ماهي إصداراتك الشعرية والقصصية؟
ـ حضن ضال(مجموعة شعرية)
ـ أضغاث أنفاس (مجموعة قصصية)
-ذلك القادم الأخضر(مجموعة شعرية)
- حكايا البرهان السومري(مجموعة قصصية)
*في نهاية حوارنا،هل تعتقدين أن المرأة العراقية مازالت مهمشة؟
ـ نعم، ما زال صوتها مقموعاً، مجتمعنا ذكوري،ومع وجود تجارب نجاح عديدة، إلّا أننا لا يمكن أن نعدها ظاهرة!! نحتاج الی عمل كثير،ونحتاج  إلی خطاب جديد،ونحتاج إلی دعم مؤسسات الدولة كي تأخذ المرأة دورها الأمثل.
ليس من السهولة الوصول إلى ما نصبو إليه ،ولكن في  الوقت نفسه، يمكننا تحقيقه فكل أمر يتحقق بالصبر والثقة العالية والتصميم والإرادة القوية ومواجهة كل الصعوبات، لا نعرف لغة اليأس سنحقق آمالنا ونحول الأحلام الى واقع رائع بكل تفاصيله".