علي حسن الفواز
ذاكِرة نكبة حزيران عام 1967 لم تزل مسكونة بالوجع النرجسي، والاحساس بالهزيمة، إذ شكّلت منعطفا خطيرا، ليس في سياق الصراع العربي الاسرائيلي فحسب، بل في سياق توصيف ما اصاب الهوية العربية من صدمة فاجعة، وعلاقة ذلك بوجودها، وفي قدرتها على تداول مفاهيم البطولة والذات، والامة، وهي مسائل اختلط فيها السردي مع التاريخي والسسيولوجي مع النفسي، والانثربولوجي مع الاسطوري، وعلى نحوٍ جعل من هزيمة حزيران وكأنها هزيمة كيانية، مسّت التاريخ والذات، مثلما مسّت البنية الرمزية لما هو راسخ في "العقل القومي" وفي الوجدان، وفي السياق المتضخم للشروع التحرري الذي حاول جمال عبد الناصر أن يجعله عنوانا وجوديا، ورمزا للقوة بمواجهة الآخر، وفي اعادة صياغة الهوية على اسس التحرر من التبعية، ومن النظرة الاستشراقية والاستعمارية للآخر.
هزيمة حزيران، كانت مشروعا مضادا لمشروع عبد الناصر، وبقطع النظر عن التوصيف العسكري للحرب ولنتائجها، فإن مؤسسات الغرب قد دخلت بكامل جهازها المخابراتي واللوجستي والاعلامي والسياسي لدعم اسرائيل من جانب، ولتفكيك مشروع عبد الناصر الذي كان سيشكّل تهديدا جيوستراتيجيا للهيمنة الغربية من جانب آخر، لاسيما ما يتعلق بالسيطرة على الثروات والممرات المائية، وعلى الدفع باتجاه تغذية نزعة الكراهية لاسرائيل واميركا وللقوى الرجعية كما يسميها عبد
الناصر.
استعادة ذاكرة حزيران بعد اربع وخمسين سنة تضعنا أمام معطيات ما تحقق، وما نتج عن ذلك من تبعات اسهمت في تعويم القضية المركزية للعرب، وفي تفكيك الخنادق القومية، وفي عزل النظام السياسي العربي عن كل العالم، وعن سياق حديث الحريات وحقوق الانسان، وعن علاقة العقل العربي بالتاريخ، بوصفها هويةً وذاكرة وانتماءً، فضلا عن أن تداعيات حزيران اسهمت الى حدٍّ كبير في تعزيز نزعة العسكرية العربية، وبدء مرحلة الانقلابات العسكرية في العراق وفي ليبيا وفي السودان والصومال وغيرها، إذ كانت هذه الانقلابات مقدمات لنشوء الانظمة الديكتاتورية التي تغذت من وهم "موت البطولة" في حزيران، لتؤسس مشروعها الانقلابي تحت يافطة صناعة الجنرال المنقذ، وهو ما تسبب في انتاج مظاهر الاستبداد والعنف، والحروب العبثية كما حدث في عام 1970 في الاردن، وفي حرب 1982 في لبنان وطرد الفلسطينيين من بيروت، فضلا عن التورط في الأنساق الحاكمة لما سمي بـ"الحرب الباردة" بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق، حيث تحولت المنطقة الى سوق للسلاح، تكرست فيها مظاهر الفقر، والعطب، وصعود نزعات التطرف الايديولوجي، والتي كانت الارضية المغذية للاصوليات الارهابية في مراحل لاحقة، فضلا عن كونها سببا للدخول في الصفقات المشبوهة التي اسهمت في تعويم قضية فلسطين ذاتها، بدءا من اتفاقيات كامب ديفيد، الى وادي عربة، وليس انتهاء باتفاقيات اسلو.
خبيرة تحذر من عواقب إدمان المكملات الغذائية
التخطيط تعلن عن الأسئلة الخاصة بالتعداد السكاني
الأنواء الجوية: أمطار رعدية وانخفاض في درجات الحرارة