نوزاد حسن
يتحدث باولو كويلو في إحدى قصصه عن عزلته المؤقتة التي كان يهرب اليها، بعيدا عن ضغط العمل واخبار الحروب والصراعات. في تلك القرية الهادئة التي يبلغ عدد سكانها مئتي نسمة كان كويلو يركز على اللحظة، التي يعيشها من دون ان يفكر بشيء اخر ابدا
وما يهمني هنا اخبارنا السياسية التي تشغل ذلك الكاتب حين تصل اليه كاحداث بعيدة، تنقل اليه بعد ان تصبح لغة مكتوبة ضمن ضوابط العمل الصحفي.
اذن نحن مادة صحفية دسمة تصل الى المتابعين في انحاء العالم. يتلقى كويلو وغيره خبرا يقع عندنا بفضول علمي لو جاز القول. إن انفجار مركبة فضائية لا يعني للمتابعين، الا ان المركبة الفضائية تهشمت. فورا يبدا التحليل، والبحث عن اسباب ذلك الانفجار، وبسهولة كبيرة يستطيع اي انسان ان يقفل نافذة عقله، لينسى العالم بكل اخباره السيئة. هذا خيار لكن القذيفة التي تسقط قريبا من بيت كويلو ستجعله يفكر بالحادث تفكيرا جديا.
بلا شك ان ما نعيشه كل يوم يخصنا ولا يمكننا ان ندير ظهرنا له، ان اخبار السياسة وحديث الفساد والصراع السياسي الخفي، لا يمكن ان تكون بالنسبة لنا وقائع عابرة، بل هي خيوط تتشابك لتصنع لنا رأيا قاسيا، مفاده بأننا نواجه فوضى لا بد من ايقافها كي تتغير الامور. ان تكرار مفردات كالإصلاح ومحاربة الفساد وتصحيح مسار العملية السياسية يؤثر في قدرتنا على التعاطف مع اي شيء يصدر من اية حكومة. يقال إن هناك عدم ثقة بين القوى السياسية، وهذا بدوره يعني اننا كمواطنين سنفقد اعز ما يفخر به اي مواطن في هذا العالم، وهو شعوره بأنه شخص تخدمه كابينة وزارية، من دون ان تمن عليه او تشعره بانه مهمل ولا يستحق خدمات افضل.
في الواقع قلت ما قلت وانا احتفظ في ذاكرتي بصورة عجوز مسيحي هجر بيته بسبب القصف التركي على قريته «جلكي»، عجوز نزح الى ناحية «كاني ماسي» تاركا كل شيء خلفه، فهل من الممكن ان يكون هذا الحدث عاديا بالنسبة لنا جميعا. لا اظن ذلك وعلى حكومة الاقليم بالتعاون مع الحكومة الاتحادية، ان تسرعا في ايجاد حل لمشكلة تعرض الابرياء لنيران قصف يهدد حياتهم، فهل يعقل ان ننام بهدوء لان القصف بعيد عنا؟.