عبد الحليم الرهيمي
لا يتردد، ولا يكل، معظم سياسيي الطبقة السياسية المتنفذة، بل وحتى معظم السياسيين والكتاب المعارضين والناقدين لها، من التعبير عن رفضهم القوي والحازم لنهج المحاصصة الطائفية والعرقية ورميها بأقذع الصفات والنعوت، والتي أقلها المحاصصة «المقيتة» و«اللعينة» التي كانت وراء الأسباب الحقيقية، لما آلت اليه الأوضاع في العراق من خراب ودمار وفساد وازمات ما بعد
2003 .
واذا كانت لعنات و انتقادات سياسيي الطبقة المتنفذة تستبطن قدرا كبيرا من النفاق والمراوغة يلعنون المحاصصة بالإعلام وتحت الأضواء، بينما هم يمارسونها ويدافعون عنها، بل وحتى يقاتلون من اجلها «حتى الموت»!
اما الرافضون والمنتقدون للمحاصصة بحماس شديد من خارج تلك الطبقة المتنفذة أياها فإنهم لا يذهبون، لما هو مفيد وابعد من ذلك، بالتوضيح للرأي العام جميع تعبيراتها واشكالها وكيفية استفادة أشخاصهم منها وبعض أحزابهم وكتلهم او بعض عناصر طائفتهم وقوميتهم والادعاء اللفظي بتمثيلها! ولذلك فإن المكافحة الحقيقية لتلك المحاصصة «المقيتة» والسعي لانهاء فعلها ودورها في الحياة السياسية العراقية يتطلبان اقتراح الحلول او النقد الصريح والواضح لتعبيراتها والتي يأتي في مقدمتها «اللجان الاقتصادية» وتعدد اشكال الفساد وهدر وتبذير المال العام وذلك عبر الرقابة الجدية والفعالة لكل
ذلك.
ويبرر المستفيدون من المحاصصة الطائفية – العرقية مواقفهم المؤيدة لها باعتبارها «استحقاقا انتخابيا» الذي يسفر عن نتائج الانتخابات، التي تعطي الحق لرئيس الكتلة الأكبر تشكيل الحكومة وادارات الدولة الأخرى، وفق الحاجة الفعلية للدولة التي تقرها وزارة التخطيط والجهات المعنية، وذلك وفق مواصفات وشروط الكفاءة والنزاهة والأخلاص والعدالة والتوازن المجتمعي، بدلاً عما هو سائد، بتوزيع المناصب والادارات بكل مفاصل الدولة، وفق محاصصة طائفية-عرقية، بحيث تملأ تلك الوزارات والادارات المركزية والمحلية بالموالين والحزبيين والأقارب، بصرف النظر عن الكفاءة والنزاهة والحاجة، وقد تبلغ المحاصصة احياناً بتعيين حتى الفراشين وعمال
الخدمات.
إنَّ توفير الشروط والمبادئ والأسس التي تحد من، وتقضي تالياً، على المحاصصة وهو ما يتطلب وضع التشريعات التي من شأنها تحقيق هدف القضاء على المحاصصة «المقيتة» واعطاء الاستحقاق الانتخابي، معناه الحقيقي بحدوده وتعبيراته التي تأخذ بها الدول الديمقراطية المعروفة في
العالم.