عبدالزهرة محمد الهنداوي
ليس بالاموال وحدها يعلو البناء، ويتحقق الاعمار، فكم من الاموال أُنفقت، تحت هذا العنوان، الا أن النتائج لم تكن بمستوى نصف او حتى اقل مما تم انفاقه، من ترليونات الدنانير ومليارات الدولارات على مدى سنوات.
البناء والاعمار، يحتاجان الى ارادة قوية، وادارة حازمة، ونزاهة وشعور بالمسؤولية في العمل، ومتابعة حقيقية من قبل ذوي الشأن، وعند ذاك سنرى البناء يعلو بسرعة، بأقل الاموال، وسيكون هذا البناء، اكثر بهاءً وجمالا، اذا ما سار بوهج الفن، او بنحو أدق برؤية فنية، تستند الى الأسس التي ذكرناها، وهنا أريد الاشارة الى تجربة كلية الفنون الجميلة، التي شهدت حملة اعمار وتأهيل، عندما تكتمل قريبا، سنكون امام صرح فني جميل، يلبي طموحات الطلبة الساعين لأن يصبحوا فنانين في مستقبل حياتهم، وبمختلف مجالات الفن.
تجربة إعمار كلية الفنون الجميلة، التي قادها بتميز، عميدها الدكتور مضاد الاسدي، وعلى الرغم من بساطتها، ما كان لها أن تنجح وتتميز لولا الهمة العالية لعمادتها، التي اثمرت تعاونا كبيرا مع جهات اخرى، انتجت الحصول على متطلبات الدعم المالي والفني من قبل تلك الجهات، وفي مقدمتها البنك المركزي، ضمن مبادرة “تمكين”، ودخول رابطة المصارف العراقية الخاصة، كشريك في هذه التجربة، وهي بذلك تمثل ركيزة من ركائز الجسر التنموي الرابط، بين القطاعين العام والخاص، إضافة الى جهات اخرى، مدّت يد العون، بضمنها الدعم الاعلامي الذي قدمته شبكة الاعلام العراقي، ومؤسسات اعلامية، وجهات وشخصيات اخرى، كانت لها بصمات في هذه العملية، ولكن البصمة الاهم في اعمار كلية الفنون الجميلة، هي بصمة قواتنا المسلحة الباسلة، التي تعد الاولى من نوعها في العراق، اذ يشارك الجيش في عملية تنموية، فقد أدّت عمليات بغداد، دورا مهما في انجاز هذا المشروع، عكس لنا بوضوح قوة العلاقة بين المؤسستين الثقافية والعسكرية، ودورهما في رسم المسارات السليمة للحياة، تحت عنوان “الامن والفن يرسيان استقرار المجتمع”.
إنَّ التعاون المثمر والادارة الناجحة أضفيا أجواءً جميلة في رحاب كلية الفنون الجميلة، يصفها صديقنا الاسدي، بأنها الأجمل، متحدثا بفرح عن اعادة الحياة لقاعة سينما ومسرح حقي الشبلي، التي تعد من أقدم وأعرق القاعات الفنية في الكلية، والتي مضى على اغلاقها نحو ١٠ سنوات، ما شجع، “الثعالب والحصينية” على بناء اوجارها في تلك القاعة العريقة!.
وهنا ليس لنا الا أن نحيي بإجلال، كل الجهود الجميلة التي اسهمت في اعادة اعمار وتأهيل كلية الفنون الجميلة، وامنيتنا الكبيرة، في تكرار هذه التجربة الرائعة في مواقع اخرى من عراقنا الذي يعج بالحياة
والجمال.