علي الخفاجي
علينا الاعتراف بأن الزمن الحالي يختلف تماماً عن الأزمنة القديمة، لاسيما بعد انتشـار الثورة الرقمية، التي عجلت كثيراً من التطور وجعلتنا في عصر السرعة اللا متناهية التي اجتازت الحدود، إذ أخرجت الثقافة من قوالبها التقليدية وجعلتها تطفو على السطح كي تتفاعل مع بعضها ضمن تنوع ثقافي محلي واقليمي وعالمي.
وبفضل العولمة التي بدورها حملت الى العالم مجموعة مبادئ وقوانين، مقتحمة حواجز الثقافات المحلية وهذا مانلاحظه من معاناة، لاسيما في المجتمعات العربية من صراع محتدم بين الأصالة والحداثة، ومع ذلك فان العولمة وعلى الرغم من الواقعية التي تفرضها على العالم متمثلة بنشر ثقافة المجتمع الغربي، لكنها تشجع بشكل أو بآخر على ديمومة الثقافات المحلية، لاسيما الثقافات ذات الامتداد الثقافي كما هي عليه الثقافة العراقية والمصرية والهندية والصينية وغيرها من الثقافات، التي عكست الموروث القديم وبقيت متفاعلة مع وجدان وعقول أصحاب هذه الثقافات.
الحقوق الثقافية تكاد تكون مندثرة ومتخلفة بكثير عن حقوق الإنسان الأخرى، وفقـاً للمنظور الضيق التي كانت تتسم به من خلال عدم الإشـارة ولو ضمناً لهذا الحق المهم، سواء في مسودات القوانين أو في الدساتير العالمية، لحين توقيع المعاهدات والمواثيق الدولية، والتي أعدّت الحق الثقافي جزءاً لا يتجزأ من حقوق الانسان الأخرى، بل يعدُّ حقاً رئيسياً ومهماً لما تشكله من أهمية لتكوين رؤى مستقبلية على المستوى الفردي والجماعي.
بعد إن أصبحت الثقافة والتنوع الثقافي من الضروريات لبناء المجتمعات وتلاقح الحضارات، اعتمدت اليونسكو يوم 21 مايو/ آيار من عام 2001 يوماً عالمياً للتنوع الثقافي للحوار والتنمية، وكما أعدّ هذا اليوم مناسبة مهمة لنشر الوعي الثقافي والخلاص من الجهل المطبق، الذي كان يتسيد كثيرا من المجتمعات والامم، على مر العصور وبمختلف الأزمان نجد أن اشكالية الهوية والصراع بين الأطراف يكونان على أحقية هذا الطرف على ذاك وعلى أثر ذلك نشبت الحروب والمعارك، بمعنى إن كثيرا من الحروب التي نشبت تمحورت على أبعاد ثقافية وفكرية
متعددة.
كما يُعتقد بأن التنوع البايولوجـي هو أساس لبقاء الحياة على الأرض على المدى الطويل، يمكننا أن نقول إن التنوع الثقافـي والمعرفي قد يكون ضرورياً لبقاء الانسانية على المدى الطويل أيضاً ومتى ما أردنا ان نحافظ على الأرض كعامل مهم للتنمية، لا بد أن نحافظ على الإنسان كمحور مهم لبناء هذه الأرض، وأن نحافظ على التنوع الثقافي وان نتجاوز حد السيف الى وعي الكلمة، متى ما وجد العالم بأن الحوار أسلم من لغة الحروب نكون هنا قد أنصفنا الثقافة بمفهومها العام وإنتصرنا للتنمية