حمزة مصطفى
الاستعدادات العراقية إن على المستوى الرسمي أو الشعبي لزيارة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان الى العراق مطلع شهر آذار المقبل يجب أن تقرأ من أكثر زواياها أهمية وهي البعد الديني ـ الحضاري لها، وليس السياسي فقط. فالبابا هو رأس الكنيسة الكاثوليكية التي يتبعها أكثر من مليار نسمة
(15 % من البشرية) ونحو (51 % من باقي مكونات الديانة المسيحية). وحيث أن العراق مهد الديانة الإبراهيمية التي هي أم الديانات السماوية الثلاث الكبرى (اليهودية والمسيحية والإسلام)، فإن حلول بابا الفاتيكان ضيفا على العراق، والعراق بلد أولى الحضارات ينطوي على أهمية كبيرة في طريقة فهم العلاقة بين ممثلي الأديان الكبرى ولو في حدها الأدنى.
فالزيارة لن يترتب عليها حوار حضاري أو ثقافي ماعدا ما قيل أن اللقاء الذي سيجمع البابا مع السيد السيستاني سوف ينجم عنه توقيع وثيقة. لكن نفي مكتب المرجعية العليا في النجف أن اللقاء لن يتضمن توقيع وثيقة، كما أن الفاتيكان لم تعلن هي الأخرى وجود ترتيبات من هذا النوع، فإن اللقاء يبقى رمزيا بين الاثنين. وفي كل الأحوال هو مهم لأنه من الناحية العملية اللقاء الأول بين رأس الكنيسة الكاثوليكية وبين المرجع الأعلى للشيعة في العراق والعالم، في وقت كان البابا الحالي والذي سبقه عقد أكثر من لقاء مع مشيخة الأزهر التي تمثل السنة في العالم.
بين هذا وذاك فإن ماينبغي الالتفات اليه أن العراقيين جميعا من كل الأديان والمذاهب والقوميات عبروا عن اهتمام عالي المستوى بهذه الزيارة. هذا الاهتمام الرسمي والشعبي يعكس أولا ترحيب العراقيين بهذا الضيف الكبير مما يبدد كل الأقاويل والتخرصات بشأن اضطهاد المسيحيين في العراق. وإذا كان هناك من يتحدث عن وقائع فإن من يقوم بذلك هو جهات متطرفة أوغلت في دم المسلمين العراقيين سنة وشيعة أكثر ربما من المسيحيين. ويعكس ثانيا رغبة عارمة لدى الجميع في أن يتم تسليط الأضواء على أهم المواقع الدينية والتراثية والأثرية الموغلة في القدم والتي تثبت بالدليل القاطع قدم الحضارة العراقية وعلويتها على ماعداها من اِدّعاءات. ولعل زيارة البابا وماسوف يرافقها من تغطية إعلامية عالمية ستضع العراق بقوة على الخريطة بوصفه الممثل الأول للبشرية دينيا وحضاريا
وعمرانيا.