في الحياة السياسية والاجتماعية، يحصل أن نُشير إلى الآخر، فرداً كان أو جماعة، بأنه صاحب موقف أو لا يحمل موقفاً، ومثل هذه الإشارة تعتمد على مديات التطابق أو التقاطع بين طرفين في تقييم عمل ٍما، فكري أو اجرائي، أقدم َعليه أحد الطرفين وكثيراً ما تحصل التبريرات والتعليلات من كل طرف في محاولة لإثبات صحة ما أقدم عليه، ومع ذلك يبقى التفاوت في الاجتهاد قائماً، فما هو الموقف ؟ وماهي الأسباب التي تقود إلى اتخاذه ؟
الموقف، كما جاء في معجم علم الاجتماع، هو مَيل أو نزوع يتعلمه الفرد من بيئته : الاجتماعية، السياسية، الثقافية، الاقتصادية، ويستخدمهما، أي استخدام ( الميل والنزوع ) في التقييم بطريقة متماسكة ومتميزة بعيدة عن التنافر والتناقض، كما يعتقد ويتصوّر.
إنَّ أول مَن أطلق هذا التوصيف العالم هربت سبنسر، وقد تحدّث عن العقل وجعل منه العامل الأساس الذي يُساعد الإنسان في التوصّل إلى الأحكام والقرارات حول القضايا المُتنازع عليها ؛ وكلام سبنسر هذا يُذكّرنا بالقول الشائع ( إذا نامت العقول تستيقظ الوحوش)، ورغم صواب رأي سبنسر، إلّا أنَّ علماء اجتماع آخرين قد أضافوا إليه تعديلات نابهة، من أهمها، انَّ الموقف يحصل أيضاً نتيجة الاستجابة لمؤثرات خارجية بطرق متعددة، وإنَّ الموقف تتحكم فيه ثلاثة عناصر هي : المعتقدات، الشعور، التفاعل ، وإن ثمة ترابطا منطقيا بين هذه العناصر، فلو كانت معتقدات الفرد أو الجماعة حول موضوع ٍ ما ايجابية، لكان كل من الشعور والتفاعل ايجابياً، والعكس بالعكس حينما تكون المعتقدات سلبية.
إنَّ المهتمين بموضوع الموقف من علماء النفس والاجتماع انشؤوا مراكز تخصصية مهمتها الدراسة والبحث في الموضوع، وقد أطلقوا على عملهم ونتائج توصّلاتهم الأدبية تسمية ( بحوث المواقف )، وقد أوجدوا المقاييس التي تُساعد في تحديد ما يفصل التطرف عن الموقف وقوّة الموقف وبالتالي كانت الأرجحية - بعد تجربة المقاييس ميدانيّاً وبطرق إحصائيّة - تُشير إلى إنَّ الثقافة الشاملة وحدود الوعي ومنطق العقل العلمي النقدي، هي الثوابت المُعوّل عليها في تحديد الموقف، إذن كم نحن بحاجة إلى هذه الثوابت في تعاملنا مع المواقف؟.
طقس العراق.. أمطار رعدية بدءاً من الغد
التخطيط تعلن عن الأسئلة الخاصة بالتعداد السكاني