بغداد- واع- علي جاسم السواد
بينما تعزف أناشيد النصر في سماء الوطن وأرضه مع لحظة إعلان التحرير الكامل لآخر شبر من الأرض العراقية من دنس الإرهاب، كان إعلاميو شبكة الإعلام العراقية يحتفون بطريقتهم الخاصة بعد سنوات من مواكبة القطعات العسكرية في كل مفصل من مفاصلها، فتية آمنوا بوطنهم وتسلحوا بمهنيتهم ،فلم يمنعهم قيض حرّ ،ولا شدة برد من تلبية نداء المعركة ،غير مبالين بالموت ،ونصب عيونهم أن يغدق ربيع الموصل بعودته أرض الرافدين بعطره وبخضرته ،بعد أن خطفته عصابات الإرهاب الإجرامية.
شباب توشحوا براية العراق حاملين كاميراتهم في أماكن لا يسمع فيها غير أزيز الرصاص وضجيج المدافع غير مكترثين بخطورة هذا، ليكونوا خير من يرصد الانتصارات ،ونقل ما يجري بصدق ومهنية عبر وسائل الإعلام في شبكة الإعلام العراقي ،ليكونوا صوت المعركة في أروع تجلياتها.
وكالة الأنباء العراقية (واع) استذكرت دور هذه المنظومة الإعلامية الشبابية ،التي عملت في مرحلة صعبة عاصرها جميع العاملين في شبكة الإعلام ،سواء كانوا مراسلين أو محررين أو فنيين أو حتى إداريين، مرحلة تطور فيها أسلوب العمل بعد أن نضجت فكرة المراسل الحربي بدءاً من العام 2014 عندما أطلقت المرجعية الدينية العليا فتوى الجهاد الكفائي ،ومروراً بتحرير جرف النصر والمدن والقرى الأخرى ومن ثمة معركة تحرير الفلوجة التي حققت فيها القوات الأمنية نصراً لم يكن عصياً على أبطال تعودوا القتال والدفاع عن أرضهم وعرضهم، وانتهاء بمعركة تحرير الموصل التي مثلت بداية مسيرة جديدة في تاريخ عمل الشبكة وإعلامييها.
مسيرة إعلامية تطورت مع بدء المعركة ،وبعد أن وظفت الشبكة جميع طاقاتها لتعلن عن تشكيل تحالف الإعلام الوطني تزامناً مع انطلاق العمليات ،الذي ضم (135) مؤسسة وجهة إعلامية تضم 4 مؤسسات إعلامية و 26 جهة إعلامية و18 فضائية و55 وكالة أنباء و6 إذاعات و26 صحيفة ،وأصدرت صحيفة (صباح الموصل) ،فضلاً عن افتتاح غرفة عمليات إعلامية مشتركة في الموصل واطلاق النشرة الموحدة وبواقع(270) نشرة أسهمت في تغطية عمليات "قادمون يا نينوى" في الجوانب العسكرية والأمنية والإنسانية .
وشارك في تحالف الإعلام الوطني مئات الإعلاميين على مدار أكثر من سنة ،منهم عشرات المذيعين و(40)محرراً ،وعدد كبير من المراسلين الحربيين ،وكان لمحرري قناة العراقية الإخبارية النصيب الأكبر في ذلك، وقدمت النشرة الموحدة ما يقارب (1620)خبراً ونحو (1500)تقرير.
هذا الجهد الإعلامي الكبير أسهم بشكل فاعل في بلورة مرحلة جديدة لعمل الإعلام الحربي من خلال خطط نوعية لنقل عمل المراسل الحربي من نمطه التقليدي القائم على البقاء في منطقة آمنة قرب القيادات العسكرية ،ونقل المعلومات التي يحصل عليها من مصادرها الرسمية إلى نمط آخر تحول فيه المراسل الحربي إلى جزء من واقع المعركة بتواجده في الخطوط الأمامية ،ونقل الصورة والمعلومة إلى المتلقي بشكل مباشر ،وعلى نحو احترافي ومهني.
هذا التطور لم يكن وليد لحظته أو اجتهاداً شخصياً من المراسل بل إنه مبني على ضوابط عمل متقنة ،وضعتها شبكة الإعلام العراقي لمواكبة كل خطوة للقطعات العسكرية ،وما قدمته الشبكة من إصابات لعدد من مراسليها دليل على تواجد مراسلي الشبكة في خط المواجهة الأول وفق ما تدربوا عليه قبيل انطلاق المعركة.
اليوم، إعلاميو الشبكة يستذكرون تلك السنوات ،وهم يحملون في جعبة مهنتهم تحديات أخرى سياسية واقتصادية واجتماعية، وفق رؤية جديدة صاغتها إدارة الشبكة الحالية بمجلس أمنائها ورئاستها لمواكبة التطورات التي رافقت الواقع العراقي من أجل الحفاظ على النصر ونقل الصورة الحقيقية لعراق محب للحياة رافضاً العنف ومتمسكاً بالقيم الديمقراطية.