من حق المواطن أن ينتقد ويشكو ويعتب ويتظاهر لعدم تقديم الخدمات التي يطلبها، والتي وجدت السلطة من اجل ان تقدمها للمواطن، بلحاظ فلسفة وجود سلطة حاكمة تمتلك حق انفاذ القانون في سبيل ادارة مجموعة من الناس ضمن نطاق جغرافي معين وفق عقد اجتماعي كفل للافراد حق اختيار من يدير شؤونهم وحق السلطة في ادارة هؤلاء الافراد وفق قوانين وتشريعات واجراءات تجدها السلطة نابعة من صميم الشعب.
وهنا يكمن دور السلطة بايجاد الحلول للمشكلات والازمات التي يعانيها المجتمع وأن تجد طريقا لمعالجتها، وعندما نتحدث عن السلطة هنا لا نعني بها الحكومة (الوزارة) فقط، بل السلطة بمفهومها العام، سواء السلطة التشريعية او التنفيذية او حتى القضائية في المشكلات المتعلقة بها.
الشعب ينتظر ممن اوكل اليهم مهمة ادارة شؤونه ان يجدوا حلاً لمشكلاته وازماته ولا ينتظر منهم ان يتركوا مواقعهم وتكليفهم ويمارسوا دور المواطن المشتكي والمتظاهر والمنتقد لغياب ما يريده من خدمات وحاجيات. وجدت السلطة لتعمل، لتفكر، لتنتج، لتؤدي وظائفها، ولم توجد كي تنضم الى طابور المشتكين والمحتاجين للخدمات التي يجب ان تُوفَرَ لهم.
ما نشهده اليوم اننا جميعا نشترك بالتشكي والنقد والبحث في اسباب المشكلات والحاجات، سواء في السلطة التنفيذية او التشريعية بل وحتى النخب الاكاديمية واصحاب الرأي العام وجماعات الضغط من اتحادات ونقابات ومنظمات مجتمع مدني، تحولنا جميعا الى خانة نقد احدنا للاخر ورمي كل منا “ كرة الحاجات” في ملعب الطرف الاخر، وانشغلنا في محاولة اقناع الجمهور بأن هذا الطرف او ذاك هو صاحب المشكلة، بل اكثر من هذا؛ فقد صرفنا جهدا ووقتا من اجل اثبات تقصير جهة معينة على حساب الاخرى، الامر الذي استلزم من تلك الاطراف ايجاد مؤسسات ووسائل فقط لاقناع الجمهور بتقصير خصمها، سواء كان الامر بين السلطتين التشريعية والتنفيذية او بين الكتل السياسية، ووصل الامر بين الافراد كمسؤولين عن قطاعات معينة.
جميعنا نبكي ونندب حظنا العاثر، ما ولد احباطا كبيرا داخل المجتمع، الامر الذي انسحب على فكرة “ عدم جدوى التفكير اصلا” في حلول ربما ان بحثنا جيدا وجدناها بين ايدينا. وصلنا لمرحلة من الاحباط بأنه لا جدوى من البحث لان البلد مقبل على كارثة وافلاس وانهيار، مع ان تأريخ العراق يؤكد لنا انه لن ينهار مهما مرت به من ظروف صعبة، وانه قادر على الصمود والبقاء ولا يمكن له ان ينهار بين ليلة وضحاها. ساهمنا جميعا بذلك، حكومة وبرلماناً وإعلاماً ومؤسسات مجتمع مدني ونخباً ثقافية وأصحاب رأي، من دون أن نبذل تلك الجهود في التفكير عن الحلول.
نعم ربّ قائل يقول اننا كمواطنين على مختلف مستوياتنا وادوارنا بالمجتمع لسنا معنيين بايجاد الحلول، لاننا انتخبنا سلطة وفوضناها مهمة رعاية شؤوننا وهي التي عليها ان تؤدي وظائفها اتجاهنا، وتوفر لنا احتياجاتنا وترعى وتدير شؤوننا، وتحصل مقابل ذلك على امتيازات افضل من امتيازاتنا من مأكل ومشرب ومسكن ورواتب وسيارات وسفر ووجاهة اجتماعية وسلطة نافذة، نعم كل ما تقدم هو الصحيح، لكن هذا لا يمنع من ان نكون مواطنين فاعلين بايجاد الحلول والتفكير بها وتقديمها بطريقة او بأخرى لاصحاب القرار، وإن لم نجد الاستجابة من قبلهم ما علينا الا ان نبحث في وسائل اخرى لايصالها وان لا نتوقف عن البحث والتفكير بدل البكاء والنحيب على حظنا العاثر وعلى بلد ننتظر جميعا أن يُصاب جميع ابنائه بالاحباط واليأس والقنوع.
لذا على السلطة (حكومة - برلمان) ان تأخذ دورها وتؤدي مهامها في ايجاد الحلول لمشكلاتنا ومغادرة الانشغال باتهام احدهم للاخر ، فلم نخترهم من اجل ذلك بل اخترناهم من اجل ان يفكروا ويعملوا لتأمين حاجاتنا وادارة شؤوننا أولاً واخيراً.
وعلينا كمؤسسات اعلامية يقع دور لا يقل اهمية عن دور السلطة في تجنيب بلدنا الوصول الى طريق اللاعودة، وعلينا كنخب واصحاب رأي عام ان نساهم كل من موقعه ودوره ومسؤوليته في انقاذ البلد لا الاستمرار بالبكاء والنحيب.
طقس العراق.. أمطار وضباب بدءاً من الغد
الأنواء الجوية تعلن كمية الأمطار المسجلة خلال 12 ساعة
الكهرباء: خطة من أربعة محاور لدعم قطاع التوزيع