عدوية الهلالي
لقد جعلنا الوباء العالمي الذي أصابنا ندرك حقيقة الموت، فصرنا نحاول حماية انفسنا منه بكل الوسائل، لكن تقبل فكرة الموت أفضل من أن نجعل من المرض هوسا، لأن الهوس الدائم بالموت يمنع المرء من العيش بسلام، لذا يجب أن نعيش تحديا أفضل يتمثل في اعطاء الموت مكانه الصحيح ..
ولكن، ماذا حدث خلال الجائحة ؟ لقد فقد المجتمع الاحساس بالصالح العام أي ماهو خير للانسان وللخلق الذي يحيط به وأصبح الهم فرديا، وبالنظر الى “ الرعب المطلق” الذي تسبب به الوباء، فان السؤال الذي نطرحه هنا هو: لماذا نخاف من الموت ؟ لابد من ايجاد طريقة جديدة للتفكير بشكل واسع في هذا الموت، وبالتالي في حياتنا ..فالخوف من الموت يؤدي الى قرارات صحية تؤطرها محاولة للبقاء المادي، ومع ذلك، لايقتصر الانسان على الظروف الصحية والمادية، فلكي تكون فترة مابعد كورونا أفضل، يجب ألا نسعى بعد الآن الى “ حماية “ انفسنا فقط بل الى “ تغيير مفاهيمنا “، يجب علينا أن نعيد اكتشاف الشعور بالصالح العام ، وأن نعمل من اجل تغيير سياسي واقتصادي واجتماعي وديني يحترم كرامة الانسان ..
ليس علينا محو الموت من حياتنا ،..ارى بأن كل واحد منا سيموت يوما ما لكن المعنى الحقيقي للموت يكمن في أن تكشف الانسانية عن نفسها، اذ تقاس حيوية المجتمع وابداعه من خلال قدرته على دفع البشر الى اختيار الحياة لأن الناس لا يموتون من كورونا بقدر ما يموتون من الوحدة، لذا يجب أن ندعم المريض في معركته بمنحه الحنو والعناية، ذلك ان هبة الحياة تجعلنا اخوة في الانسانية ..
الموت هو جزء من الحياة ، وكل واحد منا يختبر قوة الحياة التي تعبر عن نفسها في قمة ضعفنا ..ولكن هنالك عنصراً واحدأً يمكن أن يعوضنا : انه الحب، فحتى النهاية سنبقى احرارا في الحب ..الحب الذي ينفتح على الحياة وعلى حياة أعمق وأسمى، نحن نتقبل الحياة من أجل الحب ونمنحها للآخرين من أجل الحب، فالحب هو اختيار الحياة باستمرار من أجل منحها، لأننا وللأسف مشبعون بهذه الفردية المحيطة، اذ يفكر الجميع في نجاحهم الشخصي فقط ..
يا له من وهم!. فإذا قدر لنا أن نعيش، وأن نكون حيث نحن الآن ، فلابد أن ذلك بفضل أهالينا وأصدقائنا ، والأجيال التي سبقتنا ؟ نحن بحاجة فقط الى التعبير لهم عن الحب والامتنان..وبدلا من أن يولد الموت الرعب فينا ، لابد أن يمنحنا التفكير فيه طعماً
للحياة .