النجف الاشرف- واع- علي جاسم السواد
تصوير حيدر فرمان
ضجة كبيرة شهدتها منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام خلال المدة القليلة الماضية بشأن مقبرة كورونا، والتي تعلقت بعملية نقل الجثامين إلى المقابر الأخرى بعد ان سمحت وزارة الصحة بذلك، قصص وحكايات ومقاطع فيديو تناولت هذا الموضوع باتجاهات متعددة بعضها للأسف لم تضع الاعتبار لحرمة الموتى ولا تقديرا للجهات إلى تطوعت لدفن ضحايا كورونا خلال الأشهر الماضية.
وكالة الأنباء العراقية (واع) سعت لمعرفة ملابسات هذا الموضوع وللوقوف على حقيقة ما حصل ويحصل في مقبرة كورونا وللاطلاع على القصة الكاملة لحقيقة ما حدث، اجرت جولة ميدانية إلى المقبرة وتجولت في أعمق نقطة فيها ووثقت كل شيء بالصورة والكلمة.
قبور خالية
على الرغم من وصول فريق (واع) في وقت متاخر إلى المقبرة، لكنه سرعان ما تجول بين القبور التي يبدو الكثير منها خالية بعد ان تم نقل الجثث من قبل ذويها إلى مقابر أخرى وخاصة مقبرة وادي السلام، لكن في المقابل لا يزال عدد كبير من القبور شاخصا وكأنها تتشبث في البقاء بهذه الأرض.
البداية كانت مع معاون قائد فرقة الأمام علي (عليه السلام) القتالية عماد الزيدي الذي اصطحب الفريق في جولة بداخل المقبرة وخارجها وتحدث عن أسباب نقل الجثامين إلى مكان اخر، وقال إنه " بعد استحصال الموافقة من قبل وزارة الصحة بنقل جثامين ضحايا كورونا من الراغبين بالنقل طبعا كان هنالك تزاحم على النقل منذ اليوم الأول مما سبب ارباكا للعاملين في المقبرة و عدم استطاعتهم لتدارك الأمر"، مشيرا الى انه " تم نقل اكثر من 450 جثة في يوم واحد".
وأضاف انه " نتيجة لذلك حدثت بعض المشاكل والتي سرعان ما تم تداركها من خلال لجنة تولت مهمة معالجة هذه المشاكل والأخطاء وتمكنت اللجنة من حل 80 في المئة من هذه الإشكالات"، لافتا الى ان " اعداد الجثث التي تم نقلها من المقبرة بلغت 2400 جثة اما عدد القبور التي لم تنقل الجثث منها والتي لا تزال في المقبرة فتبلغ أكثر من 1300 جثة".
وأوضح الزيدي انه " يتوقع أن يبقى أكثر من 1000 قبر في المقبرة ممن لم يرغب أهالي الموتى بنقلها الى مكان اخر"، مبينا ان " الفرقة في طور إنشاء و إعادة هيكلة المقبرة بسبب عمليات الهدم و الحفر و الردم التي تعرضت لها بسبب نقل القبور".
وتابع ان " المهم الان ان لا تزال المقبرة قائمة ولا يزال بعض المواطنين يرفضون نقل جثامين ذويهم وبعض أهالي الموتى اخذوا يعملون اقفاص حديدية حول القبر من أجل تميزه وكذلك تشيد بنايات خاصة بقبور موتاهم".
هجوم متواصل
بدوره، قال قائد فرقة الامام علي القتالية الشيخ طاهر الخاقاني ل(واع) إن " الفرقة تعرضت الى هجمات متعددة وهذه ليست المرة الأولى التي تتعرض بها الفرقة إلى هجوم واتهامات مسبقة كأخذها للمال من ذوي المتوفي وهذا الكلام غير صحيح لان الفرقة لم تأخذ المال مقابل دفن الموتى من اي جهة"، مبينا ان " فرقة الامام علي القتالية تبرعت بدفن ضحايا كورونا عندما كان ذوي الموتى عاجزين عند دفن موتاهم، وجميع عمليات الدفن تمت بطريقة شرعية، اما فيما يتعلق بالصور التي تظهر وجود بعض الموتى تم دفنهم من دون غسل او تكفين فهذا الامر يعود لالتزام الفرقة بتوجيهات منظمة الصحة العالمية وهذا كان في بداية الجائحة حيث كانت التوجيهات تقتضي دفن الموتى بالتوابيت من غير الغسل او التكفين".
آلية الدفن
ولف الخاقاني الى ان " الفرقة التزمت بتوجهات وزارة الصحة، ففي الشهر الأول من انتشار الفيروس كانت الضحايا تأتي في الليل يرافقها جهة مسؤولة من وزارة الصحة للإشراف على عملية الدفن وكانت تلزم الفرقة بعدم فتح التابوت ودفن الجثة بدون غسل وتكفين، وفي الشهر الثاني صدرت التوجيهات بفتح التابوت و لكن الدفن بالكيس ولف الكفن فوق الكيس، اما في المرحلة الاخرى تم السماح بفتح الكيس و التيمم الى ان تم الوصل في المرحلة الأخيرة بالسماح بالتغسيل والتكفين بشكل شرعي"، مشيرا الى ان " فرقة الامام علي القتالية هي من بادرت لاستقبال جثامين ضحايا كورونا و تحملت ما تحملت من عبء و لم تكن متفضلة و انما قامت بواجبها الشرعي و الانساني بدفن المواطنين من دون ان تتلقى مساعدة او دعما ماليا من اية جهة و ليس هنالك احد له علاقة بهذا الامر و انما قامت بالتبرع من تلقاء نفسها وأخذ الشباب على عاتقهم استقبال هذه الجثامين و دفنها بشكل لائق".
ودعا الى " عدم السماح لمن يحاول تشويه سمعة الفرقة والاصطياد بالماء العكرة من خلال التقليل من الجهود الكبيرة التي يبذلها الشباب في دفن الموتى من دون اهداف ماديا انما في سبيل الله والوطن"، مشددا على ان " الفرقة ستواصل دفن ضحايا كورونا لمن يرغب ذويه في ذلك وسيتم استقبال الزائرين وستبنى القبور مجانا مثلما الغسل والدفن مجانا ايضا".
واوضح الخاقاني ان " هذه المقبرة تقع ضمن المنطقة التي أعطيت لشركة استثمارية خاصة استثمرت 6000 دونم لتشييد مقبرة وادي السلام الجديدة و تقع مقبرة كورونا في جزء منها، وسيتم تطوير المقبرة من قبل الفرقة من خلال التشجير وحفر الآبار وإنشاء السياج لإحاطة المقبرة، وستبقى القبور التي رفض اهالي الموتى نبشها".
شهادة المواطنين
وخارج أسوار المقبرة كان المواطن محمد علي قد أنهى جميع إجراءات نقل جثمان والده من المقبرة، وكالة الانباء العراقية (واع) سألته عن سبب إقدامه على نقل جثة والده إلى مقبرة أخرى؟ وقال إن " الوالد بعد ان توفي بسبب كورونا تم دفنه في هذه المقبرة بتابوت خشبي دون أخراج جثمانه بسبب إجراءات وزارة الصحة، والآن وبعد ان سمحت الوزارة بدفن موتى كورونا في اي مقبرة اسرعت العائلة نقل الجثمان الى المقبرة الخاصة بالعائلة"، مشيدا " بدور فرقة الإمام علي القتالية في عملية دفن ضحايا كورونا وتحملها عبء كبير من خلال تنفيذهم لاجراءات الدفن حسب الضوابط التي يعملون عليها".
أما المواطن كرار الخالدي من أهالي بغداد فأشار الى انه " تم دفن أربعةٍ موتى من أقاربه في هذه المقبرة وهم كل من والده ووالدته وأخوته"، مبينا انه " في بادئ الأمر كان دفن اثنان منهم بكيس بلاستيكي أسود دون تغسيل وتكفين حسب ضوابط الجهات المختصة، فيما كان دفن أمه وأخيه بعد تغسيلهم وتكفينهم حسب الطريقة الشرعية المتبعة والمتعارف عليها".
واكد على "عدم رغبته بنقل جثامينهم وإبقائهم في هذه المقبرة حرصا حرمة الموتى واحتراما للموتى".