أبيات شائعة واضاءات نافعة

ثقافة وفن
  • 29-01-2020, 08:08
+A -A
حسين الصدر 
- 1 -
ولكن فطامُ النفس أثقلُ محملاً
من الصخرة الصماء حين ترومُها
البيت للعتابي (كلثوم بن عمرو التغلبي ت 220 هـ) من أبيات جاء فيها:
وكم نعمةً آتاكها الله جزلة
مبرّأة مِنْ كلّ شيءٍ يذيمُها 
فسلّطت أخلاقا عليها ذميمة
تعاورنها حتى تفرّى أديمُها
ولوعاً واشفاقاً ونطقا من الخنا
بعوراء يجري في الرجال نعيمُها
وكنتَ امرءًا لو شئتَ انْ تبلغ المدى 
بلغتَ بأدنى نعمةٍ تستديمُها 
حين يعتاد الانسان على شيء معين فمن الصعب للغاية ان ينصرف 
عنه 
ومن هنا قيل : العادات آسرات، 
ألا ترى أنَّ المدخنين مثلا لا يقلعون عن التدخين مع علمهم بأضراره الوخيمة على صحتهم، ولكنهم يواجهون أشد الصعوبات حينما يحاولون 
تركه ..!!
وقال أحد شعراء : أصعبَ من نقل جَبْل 
نقلُ السجيات الأُوَلْ
- 2 -
تغتابُنِي عند أقوامٍ وتمدحُنِي 
في آخرينَ وكلٌّ عنكَ يأتيني 
قائله: صالح بن عبد القدوس الشاعر الشهير الذي قتله المهدي العباسي بتهمة الزندقة نحو سنة 160 هـ 
وهذا البيت من جملة أبيات جاء فيها :
قل للذي لستُ أدري من تلونِهِ
أناصِحٌ أم على غشٍ يُداجيني
إنّي لأكثرُ مما سِمْتَني عَجَباً 
يدٌ تشجُّ وأخرى منكَ تأسوني 
تغتابني عند أقوام وتمدحني 
في آخرين وكلٌّ عنكَ يأتيني 
هذان شيئان شتى بَوْنُ بَينِهما 
فاكففْ لسانَك عَنْ شتمي وتزييني 
إنَّ هناك من يدّعي الصداقة والمحبة ولكنّه ذو وجهين وذو لسانين
، وهو اذا ما غاب عنك سلقك بلسان حادٍّ
، وربما راق له أن يمدحك في غيابك عند آخرين، ولكنه في كل الاحوال متلوّن لعوب وليته كفّ عن الثناء الباطل والشتيمة 
المنكرة .
- 3 - 
ولم أرَ في الأعداء حين اختبرتُهم
عدواً لعقلِ المرءِ أعدى مِنَ الغَضَبْ
قائله: أبو العتاهية الشاعر الشهير (اسماعيل بن 
القاسم) 
قيل: إنّ الغضب جنون مؤقت، ذلك أن الغضب يخرج الانسان من طوره ويفقد معه زمام السيطرة على أقواله 
وأفعاله. 
وقد روي ان رجلاً سأل النبي (ص) وقال له :
أي شيء أشدّ ؟
قال :غضب الله 
قال :
فما يُباعدني من غضب 
الله ؟
قال :
أن لا تغضب 
وروي عن الامام السجاد زين العابدين علي بن الحسين (ع) انه قال :
أقرب ما يكون العبد من غضب الله اذا غضب .
كما روي عن الامام الصادق جعفر بن محمد (ع) قوله : " الغضب مفتاحُ كلّ 
شرّ "
- 4 -
ما عاتبَ المرء الكريم كنفسه 
والمرءُ يصلحه الجليسُ الصالحُ 
قائله: لبيد بن ربيعة الشاعر المخضرم وهذا البيت – على ما قيل – هو البيت الوحيد الذي نظمه بعد إسلامه (ت 40 هـ) وانه لمن المعمرين 
وهو صاحب الأبيات المشهورة 
ألا كلّ شيءٍ ما خلا الله 
باطلُ 
 
وكلُّ نعيم لا محالة زائلُ 
وكلُّ أناسٍ سوف يدخل بينهم 
دويهيّةٌ تصفّرُ منها الأنامِلُ 
وكل امرءٍ يوماً سيعلم سَعْيَهُ
اذا حصُلّت عند الاِله الحصائِلُ
أقول :
 النفس الشفافة هي التي تعاتب صاحبها اذا ما رأت منه ما يوجب العتاب وفي البيت اليتيم الذي قاله لبيد تنبيهٌ على دور الجليس الصالح في تهذيب السلوك والدفع الى رحاب 
الاستقامة .
- 5 -
ولا وجبت عليّ زكاةُ مالٍ 
وهل تجب الزكاةُ على جواد؟
قائله: بكر بن النطاح (ت192هـ) وهنا يمدح نفسه بالجود حيث لا يبقي في يده من الأموال ما تجب فيه 
الزكاة !!
- 6 -
وعلى ذكر الغزل والزيارة 
اشتهر هذا البيت :
 
أزور بيوتاً لاصقاتٍ ببيتها 
وقلبي في البيت الذي لا أزورهُ 
وهو لجميل بثينة 
- 7 -
زعمتْ سخينةُ أنْ ستغلبُ ربَّها 
وليُغلَبن مغالبُ 
الغلاّبِ
قائله : كعب بن مالك الانصاري (ت 50 هـ) 
وكان يقال لقريش سخينة والشاعر هنا يبشّر باندحارالشرك وعبدة 
الاصنام. 
- 8 -
رأيتُ المرء تأكله الليالي 
كأكل الأرض ساقطة الحديدِ
قائله : أوطاة بن سهيّة
ولهذا البيت قصته تذكرها كتب، الأدب فقد دخل على عبد الملك بن مروان 
وأنشده .
رأيت المرء تأكله الليالي 
كأكل الارض ساقطة الحديدِ
وما تبقي المنيّةُ حين تأتي 
على نفسِ ابنِ آدمَ مِنْ مزيدِ 
واعلم أنّها ستكَرُّ حتى 
توفّي نذرها بأبي الوليدِ 
وقد كان يُكنى بأبي الوليد وهي كنية عبد الملك بن مروان نفسه .
وقد ارتاع عبد الملك بن مروان حين سمع البيت الثالث فقال له
 أرطاة .
انما عنيتُ نفسي، فسكن عبد الملك. أقول :
إنّ عبد الملك بن مروان كسائر الطغاة يرهبون الموت لأنهم يعلمون بأنهم اجترحوا من المظالم والمآثم ما يطول معه وقوفهم بين يدي الله يوم 
الحساب. 
ويكفي أن نذّكر بأنّ عبد الملك بن مروان أمر الحجّاج برمي الكعبة بالمنجنيق يوم قاتل ابن الزبير الذي تحصّن بالمسجد الحرام .
وما الحجاج بن يوسف الثقفي – السفاح الشهير – إلّا سيئةٌ من 
سيئاته...